Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Présentation

  • : الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
  • : Tunisie, Monde Arabe, Photographie, Art, Islam,Philosopie
  • Contact

Profil

  • الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ
  • Tant que mes jambes me permettent de fuir, tant que mes bras me permettent de combattre, nulle crainte : je puis agir. Mais lorsque mes mains et mes jambes se trouvent emprisonnées dans les fers des préjugés, alors je frissonne, je pleure...
  • Tant que mes jambes me permettent de fuir, tant que mes bras me permettent de combattre, nulle crainte : je puis agir. Mais lorsque mes mains et mes jambes se trouvent emprisonnées dans les fers des préjugés, alors je frissonne, je pleure...

Recherche

Archives

Catégories

25 août 2018 6 25 /08 /août /2018 17:32
قراءة معاصرة لآية: ((يَا أُخْتَ هَارُونَ)) مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا

لماذا قال قوم السيدة مريم لها حين علموا أنها لها غلام (يَا أُخْتَ هَارُونَ

قومها يعلمون أنها بنت عمران (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا)، ويعلمون أنها عذراء وليس لها زوج، ويعلمون علم اليقين أنها ليست أخت هارون أخ موسى لان هناك فارق زمني يستحيل منه أن تكون بالفعل أخت هارون أخا موسى، يقال إن بينها وبينه وأكثر ألف سنة ...

كيف فسر السلف معنى (يَا أُخْتَ هَارُونَ)؟

كل كتب التفاسير اتكأت على ما جاء في جاء في تفسير الطبري: "حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (يا أخت هارون) قال: كان رجلا صالحا في بني إسرائيل يسمى هارون، فشبهوها به، فقالوا: يا شبيهة هارون في الصلاح".

كذلك جاء في صحيح مسلم وغيره عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله إلى أهل نجران فقالوا: أرأيت ما تقرؤون يا أخت هارون. وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال المغيرة: فلم أدر ما أقول. فلما قدمت على رسول الله ذكرت ذلك له. فقال: ألم يعلموا أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم والصالحين قبلهم – اهـ.

أي أن كل التفاسير المعتبرة فسرت (يا أخت هارون) بأنه نسبة منهم لها إلى الصلاح، لأن أهل الصلاح فيهم كانوا يسمون هارون (أهل الصلاح)، وليس بهارون أخ موسى.

المشكلة أن هذا الأحاديث لا تستقيم وتتعارض مع سياق الآية، فقوله تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) لا يفهم منه أنهم يقصدون الصلاح، فقولهم (لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا) لا تعني أبدا أن الذي جاءت به السيد مريم منسوب إلى الصلاح بل العكس لأن (فَرِيًّا) من فعل فري: وهو القطع للإفساد وهو الشنيع في السوء، ومثله قوله تعالى (وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ)، وليس الصلاح كما قالوا ...

كذلك قول قوم السيد مريم لها: (مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) لا نفهم منه أنهم يمدحونها بالصلاح، بل بالعكس ونقيضه، فهو توبيخا لها لأنهم يعتقدون أن عملية بغاء قد حصلت، ولد نتيجتها عيسى. فقولهم (مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ) يعني ما كان أبوك رجل سوء يأتي الفواحش، وقولهم (وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) يعني ما كانت أمك زانية.

فلهذا وصف قوم السيد مريم ب (أُخْتَ هَارُونَ) لا يمكن أن يكون هو وصفا لها بالصلاح بل هو العكس، فهو إهانة وتوبيخ، لأنهم كانوا يظنون أنها أتت بأمر ليس من شأن أهلها، أي أتت بسوء ليس من شأن أبيها وبغاء ليس من شأن أمها، وخالفت سيرة أبويها فكانت امرأة سوء وكانت بغيا.

إذا وصفها بأخت هارون فهي في الحقيقة شتيمة وتوبيخ للسيدة مريم وليس مدحا بالصلاح.

ولهذا فالأحاديث الذي استشهد بها الطبري، وكل المفسرون من بعده، لا تصح لأنها تتعارض مع آيات الله، فهي حتما أحاديث موضوعة لا يمكن أن تنسب لرسول الله عليه السلام.

 

إذا، ماهو سر وصف السيد مريم بأُخْتَ هَارُونَ؟

لفهم المعنى لا بد من تدبر الآيات بعد ترتيلها، أي بعد جمع كل الآيات التي تتحدث في موضوع هارون ومريم بنت عمران، ومحاولة الربط بينهما لكشف العلاقة التي تجمع هارون بالسيد مريم.

بتدبر الآيات الذي جاء فيها ذكر هارون، يتبين أن هارون المقصود هو النبي هارون الذي أخوه موسى عليهما السلام، ولم يأتي في كتاب الله ذكر هارون إلا بهذا المعنى.

كذلك بتتبع قصة موسى وفرعون من التنزيل الحكيم، يتبين أن هارون هو أخ موسى من أمه:

قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) ((قَالَ يَبْنَؤُمَّ)) لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) – طه

(قَالَ يَبْنَؤُمَّ)، أي أن والد هارون ليس هو والد موسى.

كذلك نعلم من آيات التنزيل الحكيم أن موسى وهارون ولدا في وقت كان فيه آل فرعون يستحيون نساء بني إسرائيل ويقتلون أبناءهم:

 ((يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)) اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ((يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ)) وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) – البقرة

أي كان آل فرعون يذبحون الصغار قطعا لنسل بني إسرائيل ويسبون الأمهات استعبادا لهن ويبقون الرجال للخدمة حتى ينقرضوا على سبيل التدريج.

وهذا سبب خوف أم موسى على وليدها، وليس على اخت موسى لأن التقتيل كان يطال أبناء بني إسرائيل وليس بناتهم.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ((فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي)) إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7) – القصص.

وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11) – القصص

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد تتبع أحداث قصة موسى مع آل فرعون، لماذا لم يأتي ذكر خوف أم هارون من آل فرعون ولم يُذكر الا خوفها على موسى؟

استخلصنا سابقا أن موسى وهارون ليس لهم نفس الوالد، والواضح أيضا أن والد موسى كان من بني إسرائيل لأن أمه كانت خائفة من ذبح ابنها الذي كان يطال بنى إسرائيل، فلا يبقى لدينا إلا احتمال واحد هو أن والد هارون هو من بنى آل فرعون، وليس من بنى إسرائيل، ولهذا لم يأتي ذكر خبر خوف أمه من بطش آل فرعون مثل ما حدث مع ابنها موسى.

من هنا نستنتج أن أم موسى تعرضت لاستحياء من آل فرعون، والاستحياء كما نفهمه هو الاغتصاب، وأن هارون جاء نتيجة لهذا الاستحياء لهذا كانت مطمئنة من آل فرعون على وليدها هارون، بخلاف وليدها موسى لأنه كان والده من بني إسرائيل.

هذا ما حصل تماماً مع السيد مريم وابنها عيسى المسيح، يوم جاءت قومها تحمله. فالقوم يعلمون أنها عذراء لم تتزوج، وكان أول ما خطر ببالهم، أنهم تذكروا ظهور أم موسى وهي تحمل هارون. وهذا سبب وصفهم لها بأخت هارون:

 

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)، ((يَا أُخْتَ هَارُونَ)) مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) – مريم

Partager cet article
Repost0
10 août 2018 5 10 /08 /août /2018 16:47

القرآن معجز، والتحدي قائم الى هذا اليوم أن يأتي أحد بمثل هذا القرآن أو حتى بعشر سور مثله، ولن تجد أحد يستطيع تغير كلام الله ولا الإتيان بما ينقضه ويبطله أو يعارضه.

كيف يمكن لأعداء الله وأعداء الإسلام من ضرب القرآن، هذا الحصن الحصين، وتبديل ما لا يعجب الكفار والمنافقين؟

لا يمكن تبديل ولو كلمة واحدة من القرآن لأنه محفوظ فى الصدور وتواتر عن النبي تلاوة القرآن وكيفية العبادات جيل بعد جيل وعن آلاف الملاين، فحتى فى حالة الخطأ فى النطق به، لا بد أن تجد من يعترض عليك ويصحح زلة اللسان فى الحين. تبديل كلام الله مستحيل ولكن تحريف مفهوم كلامه وتزيف مقاصده يبقى محتمل، يكفي أن أعطى للمفهوم المراد قداسة، فيصدّق الافتراء على الله. وبما أنه ليس هناك قداسة مع القرآن إلا قداسة شخص الرسول، فلماذا لا يصنع حديث ويسند للرسول، فمن يقدر أن يكذّب الحبيب المحبوب؟

ولكي يعطى مصداقية للنص لا بد أن ينسب لأحد الصحابة ثم لأحد التابعين المتوفون، فلا أحد منهم يقدر انكار ما نسب إليهم ... وهكذا اخترعوا الأعراب علم الإسناد لإيهام الناس بصحة الرواية. وانطلت حيلة الإسناد على أمة الإسلام، بفضل تقديس التابعين للسلف. وأصبح حديث المغرضين للإسلام جزء من الدين، والويل لمن له عقل وشككك فى نسبت الحديث للنبي عليه السلام، فسيف التكفير يهدد رقبته، حتى ولو كان الحديث يخالف القرآن والعقل ويسيء للدين.

صدّق عامة المسلمون كتب الأحاديث المنسوبة للنبي التى دونت بعد وفاته ووفاة الخلفاء الأربعة الاولين، و نجح المغرضون فى تمهيد السبل المتفرقة بواسطة الروايات و الاسانيد المختلفة وهكذا خرجوا من الصراط المستقيم ولم يتعظوا من خبرة الرسول المكتوبة فى القرآن الكريم: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ - الانعام 116، و(يخرصون) أي يأخذون الاعتقاد من الدلائل الوهمية ويكذبون فيما ينسُبونه إلى الله، وهذا ما يؤكده حتى علماء الإسناد الصادقين أن الأحاديث كلها ظنية. و لهذا فالرسول عيه الصلاة و السلام كان يتبع إلا القرآن وحده و لم يتبع كلام البشر وإلا لأضلوه عن الطريق: كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ - الاعراف 3:2، ولكن أكثر المسلمين أتبعوا الظن والأوهام والكذب على النبي، فضلوا الطريق المستقيم، فتفرقوا واختلفوا ثم تقاتلوا وتناحروا بسبب اتباع غير القرآن وعدم التأسي بالأسوة الحسنة لخاتم النبيين

كتاب البخاري مثلا دُوّن بعد قرنان ونصف قرن من الزمان من وفاة النبي، اي أن بين الشخص الذي سمع حديث الرسول وبين البخاري الذي كتب الحديث عدة أجيال، فكيف يعقل أن حديث سمعه شخص فى وقت معين، يصل الى شخص آخر بعد ستة أو خمسة أجيال شفهيًّا بدون نقص او زيادة أو نسيان أو خطأ؟

فالبخاري حين يكتب الحديث الذي سمعه من الراوي الأخير من سلسلة الرواة، هو لم يسمع الحديث من الراوي الأول الذي سمع الحديث مباشرة من عند النبي، وإنما هو يُدوّن ما يتذكر الراوي الأخير من الحديث الذي سمعه من الجيل الذي قبله، وهذا الأخير هو أيضا سمعه من الجيل الذي قبله، ... وهكذا حتى يصل الى الراوي الأول، فكيف يمكن للبخاري أن يتيقن أن الحديث الذي كتبه هو يقينا حديث قاله النبي عليه الصلاة والسلام؟

يستحيل أن يثبت البخاري أن الحديث الذي دونه فى كتابه هو حديث قاله النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو لا يستطيع أن يثبت أن الرواة من بعد الذي سمع منه الحديث رووا ذالك الحديث، وكيف يمكن له التحقق من ذالك والأشخاص الذي يذكرهم فى سنده قد توفوا ولن يقدروا أن يشهدوا بصحة كلام الذي يروي عنهم؟

احتمال الخطأ والنسيان وارد فى النقل الكلام شفهيا بين أجيال، وهذا يحدث فى خبر واحد وفى جيل واحد، بل فى اليوم واحد، فما بالك بأجيال عديدة وبمئات الالوف من الأحاديث التى أسندوها للنبي بعد موته، ويأتي البخاري بعد أكثر من قرنين، فيقوم بتدوين تلك الأحاديث ويسمى كتابه "صحيح البخاري" وهو يعلم علم اليقين أن معظمها لا يمكن الجزم بصحتها وبانتسابها للنبي عليه الصلاة والسلام؟

توفى رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد اكتمال القرآن، وبوفاته أنقطع الوحي بالتمام. و يذكر لنا التاريخ أن رسول لله عليه الصلاة والسلام منع تدوين أقواله او آراءه وكذلك فعل من بعده الخلفاء الأربعة الأولين، فكان المرجع الديني الوحيد هو كتاب الله و كان شغلهم الشاغل هو القرآن فقط حتى بداية العصر الأموي، و بظهور الفتن و الاضطرابات المذهبية بدأت صناعة الأحاديث و الكذب على رسول الله لنصرة المذاهب والفرق، ووصل أوجها فى العصر العباسي حتى أن البُخَارِيّ قال: "أحفظ مئة ألف حَدِيث صَحِيح، ومئتي ألف حَدِيث غَيْر صَحِيح" - مقدمة فتح الباري ص 488 - و فى الأخير لم يأخذ فى كتابه "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه سلم وسننه وأيامه" الّا 7563 حديث، أي انه يعترف أن فى عصره هناك 192437 حديث موضوع. ولإخراج ما صححه من أحاديث سخّر كل جهده فى الإسناد ولم يعتني بالمتن ولهذا نجد أحاديث تتعارض مع القرآن الكريم وأحاديث تسيء الى الله تعالى والى رسوله وأحاديث لا يقبلها العقل ولا المنطق القرآني

و بفضل الإسناد صدق المسلمون أن كتاب البخاري هو وحي من عند الله وهو أصح كتاب بعد كتاب القرآن، وهكذا بعد فترة التوحيد والإخلاص للقرآن وحده، جاءت فترة الشرك بكتاب الله تعالى، فتلقت الأمة كتب الأحاديث بالقبول كما يقول اهل الحديث، وعكف الناس عليها حفظًا ودراسة وشرحًا وتلخيصًا، واهملوا القرآن و تدبيره، فضلوا الطريق، فتفرقوا واختلفوا شيعا ومذاهب، فأذاقهم الله تعالى بعضهم بأس بعض، و تاريخنا يشهد بهول الحروب و المذابح بين طوائف المسلمين و مازلنا الى يومنا هذا نتقاتل بسبب كتب الأحاديث و لن يكف هذا العذاب حتى نرجع الى الحق والى الصراط المستقيم والتمسك بالقرآن وحده وترك تقديس كتب الأحاديث واعتبارها كتب تاريخ وتراث، لا دخل لها فى دين الله.

Partager cet article
Repost0
14 avril 2017 5 14 /04 /avril /2017 17:59

الفرق بين مفهوم النبي والرسول

 

هناك فرق بين مفهوم النبي والرسول فى الخطاب القرآني، وعدم إدراك هذا الفرق يؤدي الى فهم خاطئ لمقاصد الله عز وجل والى الشرك بكتابه.

الخطاب القرآني للنبي فى القرآن تعني دائما شخص محمد بن عبد الله، أي أن الخطاب موجه لشخص النبي البشرى فيما يتعلق بحياته الخاصة والعامة، لهذا لا تجد فى القرآن أمر من الله تعالى بطاعة النبي، لأنه خطاب خاص بشخص النبي محمد بن عبد الله.

كلمة "النبي" فى القرآن لها معنى محدد هو ذلك الرجل الذي اصطفاه الله من بين البشر ليُحمله تبليغ رسالة الله للعالمين.

يؤكد الله تعالى ويكرر ثلاثة مرات فى كتابه الحق: "مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغ ..." ولم يأتي أبدا "مَا عَلَى النبي إِلَّا الْبَلَاغ" وذلك لإقرار أن الطاعة ليست لشخص النبي وإنما للرسول أي للرسالة التي حّملها إياه لتبليغ الناس، أي لكلام الله تعالى الذي نزل على النبي والذي يكون فيه شخص النبي أول من يطيع الرسالة.

ولكن حين ينطق النبي بالقرآن فهو الرسول: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا - الأحزاب 45، فهو شاهدا عليهم يوم القيامة ومبشرا لمن أطاع الله بالجنة ونذيرا من النار لمن عصى.

كذألك فى قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا - الفتح - 9:8، أي لتؤمن أنت يا محمد والذين أرسلت إليهم شاهدا ومبشرا ونذيرا، والمقصود الإيمان بالله، وأقحم "ورسوله" لأن الخطاب شامل للأمة وهم مأمورون بالإيمان برسول الله ومن بينهم النبي محمد، فهو مأمور بأن يؤمن بأنه رسول الله. لهذا حين يكون الخطاب باسم الرسول فهو خطاب دائما موجه الى كافة الناس ومن بينهم النبي: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ... - النساء ،64 وإبراهيم 4. فالنبي مأمور بطاعة الرسول أي لكلام الله تعالى الذي نزل على النبي: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... - النور 54

أمر الله تعالى بطاعة الرسول أي بطاعة الرسالة التي حملها اياه، ولم يأمر أبدا بطاعة النبي أي شخص محمد بن عبد الله الذي اُمر بتبليغ رسالة الله.

كلمة الرسول في القرآن لها معان كثيرة منها النبي، جبريل، الملائكة، الشخص الذي يحمل رسالة، الرسالة، القرآن، وذلك حسب سياق الآية. مثلا الرسول بمعنى القرآن أو كلام الله واضحة فى قول الله تعالى: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا - الفتح 9. الضمائر الغيبة الثلاثة عائدة إلى اسم الجلالة لأن إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين (اللَّهِ وَرَسُولِهِ) دليل على أن المراد واحد وليسا اثنين (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) ولم يقل " وَتُعَزِّرُوهُما وَتُوَقِّرُوهُما وَتُسَبِّحُوهُما بُكْرَةً وَأَصِيلاً "، والتسبيح لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى وحده، ولا فارق بين الله تعالى وكلامه، فالله تعالى أحد في ذاته وفى صفاته: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - الإخلاص 1.

كذألك فى قوله تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ - التوبة 62، الرسول في هذه الآية لا يعنى شخص النبي محمد لأن ضمير الغيبة (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) جاء مفرد ولم يأتي مثنى (أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُما)، فهو عائد الى (اللَّهُ وَرَسُولُهُ) أي إلى الله تعالى وكلامه ولا فرق بين الله تعالى وكلامه فهو واحد أحد. فيكون معنى الآية: القرآن أحق أن يرضوه لأنه كلام الله تعالى وفيه أمره، ونهيه، وطاعته طاعة الله ورضاه.

إذن فالنبي فى القرآن فهو شخص محمد في حياته الخاصة والعامة، ومحمد عليه السلام في حياته خارج الوحي كان رجل ينتمي الى مجتمع له مشاكل شخصية وسياسية مثل أي شخص يعيش فى مجتمع خاص وفى عصر محدد، وأقواله وأفعاله خارج الوحي القرآني كانت تعكس ذلك كما ذكر لنا القرآن فى بعض أقواله وأفعاله بصفة النبي البشري الذى يخطأ ويصيب، فامتدحه في بعضها وعاتبه في بعضها الآخر. إذا فأقوال وأحاديث النبي مرتبطة بظروفها الزمنية والمكانية التي قيلت فيها وتبقى فى الأخير إلا العبرة والعظة من تاريخ مضى وانتهى.

أما الرسول فهو النبي حين ينطق بالقرآن وحين يبلغ الوحى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ - المائدة 67، فالرسول مهمته تبليغ رسالة الله بدون تغير ولا تبديل: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ - يونس 16:15. اتهم الكفار بأن الرسول يأتي بالقرآن من عند نفسه، فأمره الله تعالى أن يقول: مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. أقوال الرسول وأحاديثه، اي وحي الله، هي في داخل القرآن ولا يجوز للرسول أن يقول شيئاً عن الدين لم يقله رب العزة وإلّا لتعرض لعقاب الله تعالى: تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ، لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ- الحاقة 47:43. والدليل أن قول الرسول هو وحي من الله تعالى هو تكرار كلمة "قل" في القرآن، كلمة "قل" وردت في القرآن 332 مرة، وهي تعنى أن الله تعالى هو الذي أمر رسوله أن يقولها للناس ما بلغه أن يقول.

 

الفرق بين كلام النبي وكلام الرسول

كما أن هناك فرق بين مفهوم النبي والرسول، كذلك هناك فرق بين كلام النبي وكلام الرسول، فليس كل ما يتلفظ به النبي هو من الوحي. النبي محمد بن عبد الله كان يأكل الطعام ويمشي فى الأسواق وكانت له زوجات وأصحاب وأعداء ... فهل كل ما تكلم به النبي فى حياته هو وحي؟ هل كلامه مع التاجر فى السوق لشراء بعض الحاجات هو وحي؟ هل كلامه مع أحد زوجاته بشأن تحضير الطعام هو وحي؟ هل حواره مع أصحابه وحي؟ وهل جداله مع أعدائه وحي؟ ... بالطبع لا، وليس كل ما قاله النبي فى حياته وحي.

ذكر القرآن بعض كلام النبي وبيّن خطأه فى بعض الأحداث حتى ندرك أن النبي ليس معصوم وأن كل أقواله ليس وحي من عند الله تعالى. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، قال الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا - الأحزاب 37

فى هذه الآية يذكر الله قول النبي: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ - فهو لفظ وخطاب النبي لابنه بالتبني زيد، ونفهم منه أنه جواب عن كلام صدر من زيد، يخبر فيه النبى أنه عزم على فراق زوجته، فأجابه النبي: "امسك عليك زوجك واتق الله"، اي لازم عشرتها واتق الله فى واجب حسن المعاشرة. وكلام النبي هنا فيه أمر ونصيحة لأبنه بالتبني، فهو كلام النبي البشر فى حوار خاص مع زبد، وواضح أنه ليس وحي من الله وليس هو من التشريع ولا يعتبر من الرسالة والدليل هو أن الله أخبرنا من خلال هذه القصة أن النبي أخفى شيء فى نفسه، وهو أنه يعلم لو طلق زيد زوجته فإنه سوف يتزوجها هو: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ... فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ... - ولا فائدة من كيفية علم النبي أنه سيتزوج طليقة زيد لأن الله تعالى لم يخبرنا بذألك ويبقى ذلك سر بينه وبين ربه. كذالك يخبرنا الله تعالى فى نفس الآية، أن النبي يخشى الناس: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ - والظاهر من سياق الآيات فى صورة الأحزاب أن خشية النبي للناس هي خشية احراج من زواجه من كانت زوجة لابنه بالتبني.

فهذه الآية، وهي على سبيل المثال وليس الحصر، دليل أن ليس كل كلام النبي وحي وأن كلام النبي هو كلام بشر وأن أمره ليس تشريع وأنه غير معصوم فى كلامه خارج الوحي، ولهذا نزل الوحي على النبي ونطق الرسول بالآية التي تخبر العالمين بأن النبي أخفى شيء فى نفسه خشية من الناس وأن الله تعالى أمر نبيه بأن يخشاه وحده ولا حرج عليه وعلى المؤمنين فى ما فرض الله تعالى. ولو كان للرسول الخيرة فى الوحي، لما كتم هذه الآية التي تسرد حدث خاص به وبابنه بالتبني، وليس في كتمها تعطيل شرع، ولكنه لما كان وحيا نطق به لأنه مجبرا على النطق به وليس له الخيار ولا إرادة في ذألك: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى - النجم 4:3 - وحشى رسول الله عليه السلام، أن يكتم أو يتقول أو يغير شيء من الوحي وهو المأمور بتبليغ كل ما أنزل إليه من وحي كما هو : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ - المائدة 67.

إذا، ليس كل أقوال النبي هي وحي من الله تعالى، ولكن حين ينطق النبي بالوحي المنزّل، فهو رسول الله وكل أقواله هي وحي من الله تعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى - النجم 4:3 - أي أن الرسول لا ينطق بكلام من اختراعه أو اختياره لما تميل له نفسه، بل هو وحي يوحى، أي ان الرسول لا ينطق الّا بالقرآن لأن (إِنْ هُوَ) فى الآية تعود على القرآن، أي كلام الله وليس على أي كلام نطق به النبي، وهذا بشهادة الوحي نفسه، اذ سجل القرآن جواب عن سؤال للنبي فنزل الوحي: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ... - الأنعام 19 - الله تعالى يأمر نبيه أن يقول: ... وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ ...، فنطق الرسول بالوحي وبلغ العالمين أن ما أحي إليه هو القرآن ولم يذكر شيء آخر معه، لا قول النبي ولا فعله ولا إقراره كما يعتقد المشركون بكتاب الله، ويصرون على ضلالهم على أن قول أو فعل أو إقرار النبي هو وحي من الله مثله مثل القرآن.

فكل ما نطق به الرسول فهو وحي من الله تعالى: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى - النجم 4:3 - ولم ينطق الرسول إلا بالقرآن: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ - التكوير 19 والحاقة 40 - وكل ما أوحي على الرسول بلغه عليه السلام بدون زيادة ولا نقصان: تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ - الحاقة 46:43 - ولم يترك النبي قبل وفاته إلّا كتاب القرآن، فهو كتاب الله الوحيد الأحد، وهو الدين وهو الرسالة وفيه الكفاية وفيه التفصيل وفيه البيان: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ - العنكبوت 51.

أما كتب الأحاديث والسيرة النبوية وإجماع الأمة ... وكل الكتب التي دُونت فى الدين، بعد وفاة النبي، فهي أقوال عباد لا تنتمي للوحي ولا يمكن اعتبارها من الدين لأنه شرك بكتاب الله.

الخلط بين أقوال النبي وأقوال الرسول يؤدي الى الضلال لأن الإيمان ليس بشخص محمد النبي وإنما الإيمان بما نزل على محمد الرسول أي الرسالة وهو الحق من الله العزيز الحكيم: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ - محمد 2، والله عز وجل أمر بإتباع الوحي: اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ - الأعراف 3، ولم يأمر أبدا بإتباع كلام وأحاديث وآراء شخص محمد عليه السلام الذي هو مطالب أن يكون أول المسلمين وقدوة للمسلمين فى إتباع الوحي: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا - الأحزاب 2، وما أوحي للرسول هو كتاب واحد لا ثاني له: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ - الأنعام 155.

الرسول هو الذي ينطق بما أنزل الله وهو الذي يحكم بما أنزل الله. الرسول كان يحكم بالقرآن وحده لا شريك له، وهذا ما يقر به فى كتاب الله ويأمر به أمته: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ - الشورى 10 - هذا الكلام فى هذه الآية هو لمتكلم واحد، لأن ضمائر (ربي، وتوكلت، وأنيب) ضمائره، وتلك الضمائر لا تصلح أن تعود إلى الله تعالى فيكون القول قول الرسول عليه السلام. فمصدر الحكم للرسول هو ما أنزل الله وحده، لأن الرسول هو الذي ينطق بما أنزل الله وهو الذي يحكم بما أنزل الله. يؤكد الله عز وجل أن هو الحكم وحده: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً - الأنعام 114، والرسول عليه السلام هو الذي ينطق بكلام الله وحده وهو مبلغ الرسالة، ولهذا أمر الله تعالى المؤمنين بطاعته وطاعة الرسول: وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ - سورة المائدة 92، فالرسول فى حياته هو مبلغ كلام الله تعالى وهو الذي ينطق به وهو الذي يحكم به.

قرن الله تعالى طاعته بطاعة رسوله: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا - النساء 64، كذألك قوله تعالى: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا - النساء 80، وأيضا قوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ - آل عمران 132. الرسول في تبليغه إنما يبلغ عن الله، فأمره أمر الله، ونهيه نهي الله، وطاعته طاعة الله صاحب الوحي، أي القرآن الذى أنزله الله على النبي محمد طيل حياته كرسول، وبعد اكتمال الدين لم يترك النبي بعد وفاته إلا الرسالة أي القرآن. يقول الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ - آل عمران 144 - فمحمد ليس إلا بشرا رسولا ولا بقاء إلا لله وحده، فمن كان يطيع محمد لذاته فهو حتما سينقلب عل عقبيه بعد موته، وأما من كان يطيع ما أرسل به محمد فهو سيكون من الشاكرين لاكتمال الدين بإتمام القرآن: ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ... - المائدة 3، فالحمد لله عز وجل على نعمة الإسلام والصلاة والسلام على مبلغ القرآن.

 

ليس للنبي أن يجتهد في التشريع

يؤكد الله سبحانه فى عدة آيات ان مهمة الرسول هي تبليغ رسالة الله تعالى للناس: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - سبأ 28، كذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ - المائدة 67. وكان من الطبيعي المنطقي ان يتلقى الرسول بعض الأسئلة من للمؤمنين حول حكم الله فى ما لم يتنزل بعد من الوحي، أو توضيح عن أمر تحدث عنه القرآن، أو حتى تكرار أسئلة أتت الإجابة عنها فى القرآن. ورغم أن النبي، وهو الرسول، وهو الإمام القائد، وهو المرجع العام للمؤمنين، لم يبادر هو بالإجابة عل أسئلتهم، وكان ينتظر معهم نزول الوحي من الله. نفهم هذه الحقيقة من السياق القرآني حين يذكر الله تعالى فى عدة آيات، الأسئلة التي طرحت على النبي: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ... قُلْ ...) و (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا ... قُلْ ...) و (يَسْتَفْتُونَكَ ... قُلِ ...)

لا شك أن النبي الذي اصطفاه الله تعالى ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، كان أعلم الناس وأحكمهم وأفقهم فى دين الله، قال تعالى: ... وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا - النساء 113. وكان عليه السلام هو الذي يتلو على المؤمنين الآيات ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - الجمعة 2. رغم هذا الفضل العظيم، لم يجتهد الرسول عليه السلام فى استنتاج الحكم ولم يستفتى الناس، فحتى عن الأسئلة المكررة والتي بين الله حكمها سابقا، لم يتلو عليهم الجواب وانتظر وحي الله تعالى. و أحسن دليل على ذألك، الأسئلة العديدة عن اليتيم، نزلت آيات عديدة عن رعاية اليتيم: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا - الإنسان 8، ... وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ - البقرة 177، و لكن سألوا الرسول عن اليتامى، و كان فى مقدرة النبى الإجابة من خلال ما بين الله تعالى فى الآيات التي نزلت، و لكنه أنتظر الإجابة الإلهية: ... وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ... - البقرة 220، و "أعادوا الكرّة و نزل الوحي بالإجابة: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا - النساء 127. لم يقل لهم الرسول "أنا يُفْتِيكُمْ " أو ذكرهم بالوحي الذي قد نزل فى اليتامى، ولكنه كعادته أنتظر جواب الله تعالى.

القرآن يثبت لنا أن الرسول عليه السلام لم يجتهد فى التشريع، وان مهمته كانت منحصرة فى تبليغ الرسالة كما هي دون زيادة أو نقصان: مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ - المائدة 99. وحتى أنه كان أهل للاجتهاد بل أصلحهم، ولكنه عليه السلام لم يبادر بأي اجتهاد، ولا بأي استنباط ولا بأي قول فى الدين من عنده، واكتفي بمسؤولية تبليغ رسالة الله تعالى للعالمين.

امتناع الرسول من الاجتهاد أو الإفتاء أو أي قول فى دين من عنده و الاكتفاء بمهمة التبليغ هو أمر الله تعالى و حكمته، يقول عز وجل عن الوحي: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ، وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ، فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ، وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ، وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ - الحاقة 51:40، فهذه الآية دليل آخر على أن مهمة الرسول هو تبليغ وحي الله وحده، و أنه كان ممنوع عليه الاجتهاد في التشريع: ... تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ... و هي أيضا حجة لتفنيد قول الكافرين المدعين أن القرآن افك افتراه محمد و أصحابه: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا - الفرقان، أو قول المشركين بكتاب الله المدعين أن هناك وحي آخر مع كتاب الله يوضح القرآن و يبين مجمله ويقيد مطلقه، و كأنّ حديث الله سبحانه و تعالى، حديث مبهم و غامض يستحق التفسير أو أن آيات الله و أوامره جاءت ناقصة تحتاج لمن يكملها ... تعالى الله عن افتراؤهم الظالم: بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ.

منع الاجتهاد على النبي واقتصار مهمته على تبليغه للرسالة هي حكمة إلهية لإسكات الكافرين والمشركين على زعمهم أن القرآن هو حديث محمد أو أن النبي كان يقول وحي أخر مع القرآن. كذلك من الطبيعي المنطقي أن الاجتهاد فى فترة نزول الوحي كان مستحيل، وكيف يمكن الاجتهاد، والقرآن ولم يكتمل، والرسول يتلقى الوحي ثم يتلو على الناس آياته الجديدة فتفقهوها سوياً ويعرفون قرأتها ويتدبرون حكمتها؟ يقول الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - آل عمران 164. ولكن بعد اكتمال كتاب الله، وإتمام نعمة الله تعالى على العباد، أصبح تدبر الكتاب والاجتهاد في فهم معانيه ممكن للناس، يقول الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ - ص 29، الخطاب موجه لنبي محمد، يخبره فيه الله تعالى، أن الكتاب الذي بلّغه عنه سبحانه، هو كتاب للناس ليتدربوا آياته وليتذكر أولي الألباب. نفهم من هذه الآية أن التبليغ مسئولية الرسول ولكن التدبر فى كتاب الله هي مسئولية الناس ويؤكد هذا الفهم عدة آيات منها قوله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا - النساء 82. كذألك قوله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا - محمد 24.

 

النبي لا يعلم الغيب

هناك آيات قرآنية كثيرة تثبت بأن رسول الله النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد قيام الساعة ولا ما سيحدث له أو للناس إلا بما أوحاه الله إليه من القرآن، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قول الله تعالى: قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ - الأنعام 50. فالآية واضحة من القرآن الكريم، يأمر فيها الرب سبحانه نبيه أن يعلن أنه لا يعلم الغيب (وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ).

وهل هناك أوضح من قوله تعالى: قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ - النمل 65 - أمر الله تعالى رسوله أن يقول بأن الذي يعلم الغيب هو الله وحد.

كذألك قول الله تعالى حول موعد قيام الساعة: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - الأعراف 187... قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا، عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً - الجن 26:25.

وقوله تعالى حول أن النبي لا يعلم ما سيحدث له أو للناس: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ - الأعراف 188

رغم أن الله تعالى يؤكد عدة مرات فى القرآن، أن النبي لا يعلم الغيب ولا يعلم شيئاً عن الساعة وموعدها وأحداثها، ولكن جرأة المشركين بالقرآن ليس لها حدود، فأسندوا للنبي عدة أحاديث عن علامات الساعة وأحداثها، ويُصروا دعاتهم على إضلالهم بترويجها بين الناس، وأبدعوا فى وصف أحوال أهل النار وكأنهم رجعوا من الجحيم، فأصبحت هذه الأكاذيب من المسلمات بين المسلمين، ولم يعلم غالبهم أن هذه الأحاديث تُكذب الله تعالى وقرآنه وأن تصديق هذه الأحاديث تجعل العبد من أهل منكرين القرآن ...

 

اجتهاد النبي في التطبيق وليس في التشريع

يقول الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - آل عمران 164. ويقول أيضا: رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا - الطلاق - 11

أنعم الله على المؤمنين الأوائل الذين عاشروا النبي، فسمعوا آيات الله تتلى مباشرة من النبي، وتدبروا القرآن والنبي بينهم، ففهموا أحكام الكتاب ومواعظه والقيم والمبادئ الأخلاقية السلوكية، فتزكت نفوسهم وانقلب حالهم من ضلال الشرك الى نور التوحيد، من الجهالة والتقاتل الى العلم والسلام ومن أحكام الجاهلية الى أحكام الإنسانية.

لقد فضل الله تعالى المؤمنين الأوائل الذين عاشروا النبي على كثير من المؤمنين، فالفضل بيد الله سبحانه يؤتيه من يشاء والله واسع عليم. فشاهدوا بأعينهم كيف كان النبي وولي أمرهم، يجتهد فى طاعة الله وتطبيق أوامره، فيشاورهم فى الامر ثم ينفذ القرار: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ - آل عمران 159.

فهل اجتهاد النبي فى التطبيق، وهو بطبيعة الحال تطبيق يخضع لإمكاناته البشرية ولظروفه الزمانية والمكانية، يصلح لكل زمان ومكان؟ وهل هو ملزما لكل مسلم ومسلمة فى أي عصر؟

مثلا، هل اجتهاد النبي فى أمر الله تعالى فى الزينة: يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ - الأعراف 31، فهل اجتهاد النبي فى الزينة صالح لكل زمان ومكان؟

من الطبيعي المنطقي لا، فمفهوم الزينة والتزين يتطور ويتغير عبر العصور، وحتى فى نفس العصر قد يكون اللباس زَّيْنُ فى مكان ويكون شَّيْن فى مكان آخر. وهكذا فكل اجتهاد النبي فى التطبيق هو صالح لوقته وخاص بزمانه ومكانه ولا يمكن أن يكون صالحا للأجيال بعده. كل جيل هو مجبر بالاجتهاد لأن الظروف والإمكانية والمتطلبات تتغير مع المكان والزمان، وعلاوة على هذا، فإن تدبر القرآن والاجتهاد فيه لإيجاد حلول لمشاكل الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، هو فريضة دينية فى كل زمان ومكان، فهذا ما يقره كتاب الله المعجز، الصالح لكل زمان ومكان.

يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً - النساء 174 - ويقول: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا - محمد 24. فلو تدبرنا القرآن واجتهدنا فى تطبيقه على أرض واقعنا، عوض محاولة تطبيق اجتهاد السلف، لاكتشفنا النور الذي فيه ولتحول جحيمنا الى جنة على وجه الأرض قبل جنة الخلود.

 

وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ـ هذا جزء من آية 7 في سورة الحشر، الجزء الذي يبتره المشركون بكتاب الله من أصله وينطقونه بدون ما هو قبله وما هو بعده من الآية لتدعيم عقيدتهم بأن الآية المبتورة "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" جامعة للأمر بإتباع ما يصدر من النبي من قول وفعل فيندرج فيها جميع أدلة المشركين بكتاب الله تعالى، وذالك لتحريف الكلام عن مواضعه ووضع النبي علية الصلاة والسلام في موضع مشاركته في الألوهية في التشريع، لتضليل عامة الناس على انه علية السلام منافسا للقرآن.

لنعرض الآية كاملة، يقول تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ - الحشر 8، واضح أن الآية تتحدث عن الفيء أو ما يفئ إلى بيت المال بلا حرب ولا قتال، يبين فبها الله من هم المستحقون للفيء، وفى هذا السياق يأمر الله تعالى الذين لم يرضوا بالقسمة بأن يمتثلوا لقسمة الرسول ويخذوا ما أعطاهم الرسول ولا يطالبوا بما لم يعطيهم. والآية التالية: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ - الحشر 7، تبين استحقاق فقراء المهاجرين لهذا الفيء لأنهم لما هاجروا لم يتركوا بعض أموالهم فحسب، بل تركوها كلها: أموالهم، وديارهم، وأولادهم، وأهلهم، فصاروا فقراء بعد إخراجهم من ديارهم وأموالهم. ومن هاجر وترك داره وأهله وأولاده وماله لنصرة الله، لا يكون أقل تضحية ممن تصدق ببعض ماله، وهو مستقر في بلده وداره وأهله، فكأن الله عوضهم بهذا الفيء عما فات عنهم.

من سياق هاتين الآيتين نفهم ان جماعة لم يرضوا بقسمة الفيء، فسخطوا من قسمة الرسول، فنزل الوحي يأمرهم: ... وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. وهذه الحادثة هي شبيهة بحادثة أخر ذكرها القرآن فى سورة التوبة: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ، إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ - التوبة 60:58

فهذه الآيات: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ، وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ...) تبين معنى (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ)، فالمؤمن الحق يرضى بم أعطاه الله ورسوله ولا يطمع فى لم يكن من نصيبه.

إذا هناك فارق بين ما ذكر القرآن الكريم في قولة تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، وهو عطاء موقوتا ماديا ماليا، لا صلة له بما أوله المشركين بكتاب الله تعالى لتبرير شركهم بكتابه.

 

Partager cet article
Repost0
19 avril 2016 2 19 /04 /avril /2016 13:40
لماذا تكفل الله وحده بمعاقبة المستهزئين، ولم يأمر المسلمين بمحاكمتهم ومعاقبهم؟

الاستهزاء المقصود في هذه المقالة هو الاستهزاء بالدين، فهو يشمل كلَّ قولٍ أو فعلٍ، يدل على الطعن أو التنقص أو الاستخفاف، من الله تعالى، أو آياته، أو رسله.

لا شك في كفر المستهزئين بدين الله تعالى، فهو يقين، ومصيرهم يوم القيامة هو الجحيم، ان لم يتوبوا، فالله تعالى حسم أمرهم في عدة آيات من التنزيل الحكيم، ومن يجادل فيه فهو حتما من الظالمين. الا أن هذا المقال يبحث عن الحكم الدنيوي في المستهزئين بالدين، هل أمر الله تعالى بمعاقبتهم أم فوضه اليه سبحانه ليوم الحساب؟

 

حكم المستهزئين في واقع الأمة الإسلامية العَصريّة

شُهر في الأُمّة الإسلامية العَصريّة، أن الحكم الدنيوي على المستهزئ بدين الله ورسله، هو القتل حتى ولو تاب، مع الاختلاف في حكم ساب الله تعالى، وحكم ساب رسول الله، عليه الصلاة والسلام. فأدعوا أن ساب الله تعالى لا يقتل إن تاب، أما ساب رسوله، يقتل ولو تاب.

درست وبحثت عن مصدر هذا الحكم، فلم أجد، لا في كتاب الله تعالى ولا فيما تواتر عن رسوله الكريم، أثر لهذا الحكم!

كل ما وجدته في هذا الأمر، هو أقوال العباد الذين ابتدعوا هذا الحكم، وكل أدلتهم تعتمد على استنباط هذا الحكم من كتب التاريخ والسير والمغازي، وكما هو معلوم فهذه الكتب محشوة بأحاديث موضوعة، وقصص مخلوقة، لا قيمة لها في دين الله. ولا أدري لماذا ترك بعض العلماء المشهورين الاعتماد على كتاب الله وما تواتر من سنة رسوله، ولجئوا لكتب التراث لاستنباط حكم يخالف ما جاء واضح وبيّن في كتاب الله تعالى؟

  
حكم المستهزئين بالدين في الاسلام

حكم المستهزئين بالله تعالى وآياته ورسله، جاء صريحا، بيّن، وواضح، في كتاب الله العزيز الحكيم، يقول تعالى:

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} (سورة النساء 140 - 141)

 

فواجب المسلم إذا سمع استهزاء بدينه: ... إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا، أن يطبق ما أمر الله تعالى به: ... فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ.

لم يقل أوقفوهم عن استهزائيهم، أو أضربوهم، أو اقتلوهم، ... بل أمر بعدم الاستماع لاستهزائيهم، ومهاجرة مجلسهم حتى يخوضوا في حديث غيره.

الغريب والعجيب، أن الله سبحانه وتعالى لم يكلف أحدا بمعاقبتهم أو ردعهم، وفوض معاقبتهم اليه وحده سبحانه، فقال في نفس الآية من سورة النساء: ... إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا، وبعدها: ... فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ....

فالله وحده سبحانه وتعالى، هو الذي يحكم بينهم ... يوم القيامة، وليس في الدنيا، فالله تعالى هو الذي يحكم في هذه القضية وحده، ولم يأمر أحد من خلقه بمحاكمتهم ولا بمعاقبتهم، لأنه وحده سبحانه تكفل بمعاقبتهم يوم القيامة (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

هذا ما أمر الله تعالى، وهو واضح بيِّن، ولا خلاف فيه في كل الكتاب المجيد، بل يُدعّم الله تعالى هذا المنهج، ويؤكد هذا الحكم، في عدة آياته، فيحرم على المسلمين أن يسبوا آلهة المشركين، فقال جل وعلا:

{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة الأَنعام 108).

وحذّر رسوله الكريم، إذا رأى الذين يخوضون في آيات الله، أي يتكلمون فيها بالتكذيب والباطل والاستهزاء، بأن لا يهتم بهم وأن يدعهم ولا يقعد معهم حتى يخوضوا في حديث مغاير له:

{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (سورة الأَنعام 68)

كذلك، ممّا يؤيد هذه الحقيقة الربانية والقرآنية، قوله تعالى لرسوله الكريم:

 إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ - سورة الحجر 95

 وهذا تحذير له من أن يهتم بالمستهزئين ويكترث بأقوالهم وبغمزهم أو نحو ذلك من أساليب الاستهزاء أو السخرية، فهو سبحانه وتعالى يتكفل بهم، فيحفظه من أن ينال شر أو ضر، في شخصه الكريم، أو أتباعه أو دعوته.

كذلك حذر الله سبحانه أمة الإسلام، بأنهم سيسمعون أَذًى كثيرا من أهل الكتاب والمشركين، وانه ابتلاء، مثله مثل ابتلاء الأموال والأنفس، وان ذلك من سنة الله تعالى في خلقه، ليختبر صبر المتقين، لأن في المصائب اختبارا لمقدار الثبات على قدرة الله تعالى، وصدق وعده، والاطمئنان لحكمه، ولذاك قال بأنه من عزم الأمور:

{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (سورة آل عمران 186)

والأذى، هو الألم الخفيف الذي لا يبلغ حد الضر، والاستهزاء في الأخير ما هو الا قول أو فعل، يهدف الى الاستهانة، والتحقير، والتنبيه على العيوب والنّقائض على وجه يضحك منه، قد يؤذي من يسمعه، لكنه لا يضره، ولهذا قال الله تعالى:

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} (سورة آل عمران 111)

فواضح وبيّن، أن الله تعالى لم يأمر بمعاقبة المستهزئين وأخَّرَ جزائهم إلى يوم القيامة، ولو جاء في كتاب الله أو سنة رسوله أمر بمعاقبة المستهزئين دنيويا، لحصل تناقض واضطراب، فكيف يأمر سبحانه رسوله والمسلمين، بأن يعرضوا عن المستهزئين ولا يهتموا بأقوالهم وأفعالهم، وحرم القعود معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، ثم يأمر بمعاقبتهم دنيويا؟

 

لماذا تكفل الله وحده بمعاقبة المستهزئين، ولم يأمر المسلمين بمحاكمتهم ومعاقبهم؟

الجواب عن هذا السؤال موجود في هذه الآيات:

{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} (سورة النساء 140 - 141)

جريمة الاستهزاء بالدين لا يمكن محاكمتها في الدنيا، لأن حكم البشر، مهم ما أُتي من عقل وحكمة وقوة، يعجز عن ان يحكم في قضية تخص الله تعالى وآياته ورسله؟

من المخلوق الذي يستطيع أن يتصدر محكمة ليفصل قضية، الجاني عليه هو الخالق سبحانه وتعالى، أو آياته، أو رسوله الكريم؟

بطبيعة الحال هذا مستحيل، لهذا قال الله تعالى: (... فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ...)، ومن يدعي أن يحكم دنياويا في هذه القضية، فهو إمّا مجنون، مختل العقل، وهذا رُفع عنه القلم، وإمّا كافر مشرك، لا يُقدر الله تعالى حقّ قَدْرِهِ، فيدعي أنه يمثل الله تعالى في الدنيا ليحكم بين المستهزئين والله تعالى! وإمّا منافق يتربص بالمؤمنين دوائر السوء، فينتهز عبث المستهزئين لبث الفتنة وإثارة العنف والهيجان داخل المجتمع، فيُحرّض المسلمين للانتقام من المستهزئين، ويُحّرض الكافرين للقصاص من المسلمين: (...الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...)، لهذا حسم الله تعالى، بحكمته، الفتنة من أصلها، وقطع حجة الكافرين من النيل من المؤمنين، فأمر عباده المسلمين بعدم الاهتمام بأقوال وأفعال المستهزئين بدينه، وان يهجروا مجالسهم حين يسمعون الاستهزاء: (... إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ ...)، لم يقل أوقفوهم عن مهاجمة دينكم، ولم يقل اقطعوا ألسنتهم أو احبسوهم أو اقتلوهم ولا حتى قال قاطعوهم، بل قال لا تقعدوا معهم في الجلسة التي فيها استهزاء بالدين، وبالتالي يجوز الجلوس معهم في جلسات أخرى لا يستهزؤون فيها بالدين: (... حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)، وهذا دليل أن الله تعالى لم يأمر بمعاداتهم، لأنه أجاز مجالستهم إن كفوا عن استهزائهم، وبالتالي لا مشكلة في دين الله تعالى في وجود أراء و أفكار ضد الإسلام، لكنه حرّم على المسلمين مجالسة أصحاب هذا الفكر عندما يستهزأ بدينه الله، لأنه لو جلسوا معهم فسيتأثرون سلبيا في كل الأحوال، فإمّا يوافقون قول المستهزئين ويضحكون معهم، فيصبحون مثلهمِ، وهكذا يخسرون دنياهم وآخرتهم: (... إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)، وإمّا لا يوافقون، فينددون ويهددون ويغضبون لدينهم، فتكون الفتنة التي يتربصها النافقون، فيستغلون ردة فعل المسلمين لتحريض الكافرين عليهم، فتقع المضرة على المؤمنين الأبرياء: (... فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا)، لأن المسلمين اذا خالفوا أمر الله، فحاكموا المستهزئين ولم يفوضوا حكمهم لرب العالمين، فانه يرجع عليهم بالوبال والهلاك، فيجعل سبحانه، للكافرين على المؤمنين سبيلا. وإن أطاع المسلمين الله، فهجروا المستهزئين وفوضوا حكمهم لله تعالى، كما أمر، فالله ناصرهم مهما كانت قوة أعدائهم، ولهذا طمأن الله سبحانه، المؤمنين ووعدهم، ان استقاموا، بأن لا ينال الكافرون منهم منالا، فلا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا.    

إذَاً، الحكمة الإلهية من عدم الاكتراث بأقوال المستهزئين بدين الله، هي: لكيلا يجعل الله تعالى، سبيل للكافرين لإيذاء المؤمنين. فلو قام أحد من المسلمين بمحاكمة ومعاقبة المستهزئين، فخالف أمر الله تعالى، فان وعد الله تعالى بأن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيل، سينقلب أيضا، فيجعل للكافرين سبيل لإيذاء المؤمنين.

لهذا فوض الله تعالى محاكمة وعقاب المستهزئين إليه تعالى وحده يوم القيامة (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، ولم يكلف أحد من خلقه أن يحاكم المستهزئين به، سبحانه عما يقولون، أو آياته، أو رسله،

المؤسف هو أن مسلمين العصر، جهلوا هذه حكمة البليغة، أو بالأحرى، تجاهلوها تمنيا وتكبرا على العالمين بأنهم مسلمين، رغم أنها واضحة جلية في آيات الله: {... إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ... (140) .... فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)} (سورة النساء 140 - 141)

الاستهزاء بدين الله أو رسوله قد يؤذي المسلمين معنويا، ولكن هذا لا يضرهم جسديا ولا ماديا، فاذا ضعف المسلمين، لعدم قدرتهم في السيطرة على غضبهم أو لرغبتهم في معاقبة المستهزئين تمنيا على الله تعالى ورسوله الكريم، فيخالفون أمر الله تعالى بهجر المستهزئين وعدم الاكتراث بأقوالهم، فيقومون بفعل عكس ما أمر به، فيتصيـّدون كل مستهزئ بدين الله، وينشرون ويُروجون أقوالهم، ثم ينددون ويهددون، ويحرضون المسلمين  للانتقام من المستهزئين، فيدفع ذلك بالمتحمسين والمتعصبين منهم، الى قتل المستهزئين، فحينها يتحول كل المسلمين، مباشرة من مظلومين إلى معتدين ظالمين، لأن أي ردة فعل للانتقام من المستهزئين، ستكون دائما أعنف وأظلم من استهزائهم، فيكسب المستهزئين تعاطف الناس حولهم، ويتخذون هذا الظلم حجة لتشويه الاسلام، والإضرار بالمسلمين، قصاصا من الاعتداء الظالم الذي وقع عليهم.

وأحسن مثال على حكمة الله تعالى في هذا الموضوع، ما حدث في عملية الصحيفة الهزلية " شارلي أبدو " الفرنسية سنة 2015، حين قام شابين فرنسيين، ينتمون الى منظمة إسلامية متطرفة، بقتل 12 شخصا من بينهم 10 من رسام وعمال الصحيفة، وشرطيين ... بحجة الانتقام للرسول! ... وفرح العالم العربي الإسلامي بهذه العملية وخرجوا في الشوارع يكبرون ويهللون مبتهجين بالثأر لرسول الله، عليه الصلاة والسلام ... وثم بعد!؟

 

ماهي نتائج الانتقام من المستهزئين؟

كل النتائج كانت سلبية، رجعت بالسخط والوبال على الإسلام والمسلمين:

- خسرت صحيفة " شارلي أبدو " بعض رساميها، ولكناها ربحت عدة رسامين عالمين، التحقوا بالصحيفة للعمل تطوعا بدون أجر. كذلك، قبل الاعتداء الارهابي على " شارلي أبدو "، كانت هذه الصحيفة على أبواب افلاس، وبدأ مسؤولها يفكر بغلقها نهائيا، لكن بعد العملية الإرهابية، تحولت هذه المجلة الى أغنى وأشهر مجلة في العالم. كانت الصحيفة تبيع كل أسبوع أقل من 20 ألف نسخة قبل العملية الإرهابية، وبعدها، بلغ عدد بيع المجلة الى أكثر من 7 مليون نسخة! فأصبحت أغنى صحيفة إعلامية في العالم. وتأسست في كل البلدان الأوربية صحف هزلية بعدما أن كانت " شارلي أبدو "، الوحيدة في العالم في هذا الاختصاص، وجميعهم اليوم ينشرون الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لجميع الأديان ويستهزئون خاصة بالإسلام وبالمسلمين.

- كان الحزب اليمني المتطرف، الذي يعادي أشدّ عداء، الإسلام والمسلمين، في المرتبة الثالثة بين جميع الأحزاب السياسية الفرنسية قيل العملية الإرهابية، وبعدها تحول الى المرتبة الأولى وحاز بأغلب الانتخابات البلدية الأخيرة في فرنسا، مع العلم أن من مشاريع وعهود برنامج الحزب اليمني المتطرف الفرنسي، للإنتخابات الرئاسية سنة 2017، هو طرد جميع المسلمين من فرنسا وتحويل مساجدهم لجمعيات خيرية لخدمة المحتاجين الفرنسين الأصل.

- إثر العملية الإرهابية على الصحيفة، انقلب الرأي العام الفرنسي من مساند ومؤيد لقضايا العرب المسلمين، الى معارض ومساند لأعدائهم. هذا في فرنسا، البلد الأوربي الأكثر تفهم للإسلام والمسلمين بحكم تاريخهم المشترك، أما في باقي البلدان الأوربية والأمريكية، فقد وحدت هذه العملية الإرهابية جميع حكوماتهم ومجتمعاتهم على كره الإسلام ومعاداة المسلمين، بدون أي استثناء.

- فرنسا تحتوي على أكبر جالية مسلمة في أوروبا، إذ يبلغ تعدادها نحو خمسة ملايين نسمة (حوالي 7,5 بالمئة من مجموع السكان). بعد العملية الإرهابية، أصبح كل مسلم يعيش في فرنسا محل شُبهة، ينظر اليه بعين الريبة، فتحولت حياة المسلمين الفرنسين، وخاصة الشباب منهم الى جحيم، فتفاقمت الاعتداءات العنصرية على المسلمين، خاصة على النساء المحجبات منهم، وتزايدت الاعتداءات على المساجد ومقابر المسلمين، بالحرق والتخريب والتشويه ...

- بعد الاعتداء على الصحيفة الفرنسية، احتدّت موجة السخط الاجتماعي على الجالية المسلمة في فرنسا بشكل كبير، الى درجة أن دفع الجيل الصاعد من شباب المسلمين الفرنسين الى اليأس من مستقبل حياتهم في فرنسا، فلجأوا الى الأقطاب: فإما التبرؤ من الإسلام والمسلمين واحتضان الالحاد، واما التطرف والتعصب الديني واحتضان داعش والإرهاب.  

- كانت هناك عدة نشاطات دعوية وثقافية تقوم بها الجالية المسلمة في فرنسا، ولكن منذ عملية " شارلي أبدو "، تعطلت كل هذه النشطات دفعة واحدة، ولم يعد أحد من المسلمين يجرأ أن يتحدث عن الإسلام في الأماكن العامة والملتقيات الاجتماعية.

... أتوقف هنا عن ذكر السلبيات، فليس موضوع المقال ذكر السلبيات كلها، فهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، والله تعالى وحده يعلم عددها ومداها وأثرها ... وما ذُكر فيه الكفاية لتدبر قوله تعالى: ... وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، من خلال مثل واقعي حديث العهد، يعيشه المسلمون اليوم، ويشاهدون بأعينهم أثر معصية أوامر الله تعالى، وكيف انقلب حكم الله تعالى عليهم، فجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا.

هذه حكمة الله تعالى من وراء أمره بالإعراض عن المستهزئين وعدم الاِكْتِراث بأقوالهم وأفعالهم، والأهم، عدم التدخل لردعهم أو معاقبتهم لأن أي ردة فعل ترجع بالوبال على الإسلام والمسلمين، فيجعل الله سبيل للكافرين على المؤمنين.

Partager cet article
Repost0
6 avril 2016 3 06 /04 /avril /2016 19:44

معلوم ومشهور أن شيوخ السلفية الوهابية يقدسون سلفهم بني أمية، وينكرون انهم كانوا يسبّون عليّ، رضي الله عنه، رغم توثيق نصبهم في كتب الصحاح وكتب التاريخ في زمانهم لجميع آل البيت الكرام الأطهار. كذلك ملوكهم آل سعود، فولائهم لآل مروان ليس له مثيل، كيف لا وهم اسوتهم الحسنة، ولهذا يبذلون الغالي والنفيس في تدليس وتحريف الدين والتاريخ لكل شيء يفضح حقيقتهم وحقيقة سلفهم المقدس.

وهذا دليل على ما أقول:

جاء في صحيح مسلم رواية عن سهل بن سعد الساعدي هذا متنها:

استُعمِلَ على المدينةِ رجلٌ من آلِ مروانَ. قال فدعا سهلَ بنَ سعدٍ. فأمره أن يشتمَ عليًّا. قال فأبى سهلٌ. فقال له: أما إذا أَبيتَ فقُلْ: لعن اللهُ أبا التُّرابِ. فقال سهلٌ: ما كان لعليٍّ اسمٌ أحبَّ إليه من أبي التُّرابِ. وإن كان ليفرحَ إذا دُعِيَ بها. فقال له: أخبِرْنا عن قصتِه. لمَ سُمِّيَ أبا التُّرابِ؟ قال: جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيتَ فاطمةَ. فلم يجد عليًّا في البيتِ. فقال " أين ابنُ عمِّك؟ " فقالت: كان بيني وبينه شيءٌ. فغاضبَني فخرج. فلم يَقِلْ عندي. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لإنسانٍ " انظُرْ. أين هو؟ " فجاء فقال: يا رسولَ الله ِ! هو في المسجدِ راقدٌ. فجاءه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مضطجعٌ. قد سقط رداؤه عن شِقِّه. فأصابه ترابٌ. فجعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يمسحه عنه ويقول " قُمْ أبا التُّرابِ! قُمْ أبا التُّرابِ! " – (صحيح مسلم: 2409)

الحديث واضح لا يستحق لا شرح ولا تفسير، فهو يثبت بحديث صحيح أن بنى أمية كانوا يسبون عليّ ويحرضون الناس لشتمه.

ماهي الحيلة التي يلجأ إليها دهاء شيوخ الوهابية المشرفون على كل مواقع الدينية الممولة بالعائدات النّفطيّة السعودية الهائلة، لتحريف هذه الحقيقة التاريخية؟

الحيلة هي بكل بساطة، لا تشرح متن هذ الحديث الفاضح، وتشرح نفس الحديث بحديث آخر لا يُورّط بنو أمية. (ملاحظة لمن ليس له اطلاع على كتب الحديث، ففي هذه الكتب تجد الشيء وضده، يكفي ان تبحث عما تريد، وبمساعدة الشيطان اللعين، ستجد دائما حديث أو خبر يدعم هدفك ويلبي رغبتك!)

وهذا ما فعله موقع الدرر السنية الوهابي السعودي، لا يشرحون متن حديث سهل بن سعد الساعدي في صحيح مسلم (عدد 2409)، الذي فيه دليل صريح أن آل مروان يسبون عليّ، رضي الله عنه، ويحرضون الناس على سبّه، بل يشرحون هذا الحديث بمتن رواية سهل بن سعد الساعدي في صحيح البخاري (عدد 3703)، وهذا متنه:

أن رجلًا جاء إلى سَهلِ بنِ سعدٍ فقال: هذا فلانٌ، لأميرِ المدينةِ، يدعو عليًّا عِندَ المِنبَرِ، قال: فيقولُ: ماذا؟ قال: يقولُ له: أبو تُرابٍ، فضَحِكَ. قال: واللهِ ما سمَّاه إلا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما كان واللهِ له اسمٌ أحبُّ إليه منه، فاستَطعَمْتُ الحديثَ سَهلًا، وقُلْتُ: يا أبا عباسٍ، كيفَ ذلك؟ قال: دخَل عليٌّ على فاطمةَ ثم خرَج، فاضطَجَع في المسجدِ، فقال لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أين ابنُ عمِّك). قالتْ: في المسجدِ، فخرَج إليه، فوجَد رِداءَه قد سقَط عن ظهرِه، وخلَص الترابُ إلى ظهرِه، فجعَل يمسَحُ الترابَ عن ظهرِه، فيقولُ: (اجلِسْ يا أبا تُرابٍ). مرتَينِ - (الراوي: سهل بن سعد الساعدي، صحيح البخاري: 3703)

لاحظوا أن رواية البخاري، لنفس الحديث والحادثة والراوي، لا تذكر الألفاظ الصريحة التي تدين بنو أمية، ففي رواية مسلم حاء في بداية الحديث:

" استُعمِلَ على المدينةِ رجلٌ من آلِ مروانَ. قال فدعا سهلَ بنَ سعدٍ. فأمره أن يشتمَ عليًّا "

فتحولت هذه الجملة عند البخاري الى:

" أن رجلًا جاء إلى سَهلِ بنِ سعدٍ فقال: هذا فلانٌ، لأميرِ المدينةِ، يدعو عليًّا عِندَ المِنبَرِ"

 

والجملة التي تليها في رواية مسلم:

 

"قال فأبى سهلٌ. فقال له: أما إذا أَبيتَ فقُلْ: لعن اللهُ أبا التُّرابِ."

 

فتحولت هذه الجملة عند البخاري الى:

 

" قال: فيقولُ: ماذا؟ قال: يقولُ له: أبو تُرابٍ، فضَحِكَ. "

 

وهذا شرح موقع الدرر السنية الوهابي السعودي، لحديث سهل بن سعد الساعدي الذي جاء في صحيح مسلم تحت عدد: 2409:

 

شرح موقع الدرر السنية للحديث :

جاء رجلٌ إلى سَهْلِ بن سَعدٍ رضِي اللهُ عنه، فقال: هذا فُلان؛ يعني: أميرَ المدينةِ يَدْعو عليًّا رضِي اللهُ عنه عندَ الْمِنْبر، أي: يُذَكِّره بشيءٍ غير مَرْضِيٍّ، يقول له: أبو تُرَاب، فضحِك سَهْلٌ رضِي اللهُ عنه، وقال: والله ما سمَّاه أبا تُرَابٍ إلَّا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وما كان له اسمٌ أحبُّ إليه مِنه، "فاستَطْعَمتُ الحديثَ سهلًا"، أي: سألتُ سَهلًا عن الحديثِ، وقلتُ: يا أبا عبَّاسٍ، كيف ذلك؟ قال: دخَل عليٌّ على فاطمةَ رضِي اللهُ عنهما ثمَّ خرَجَ فاضطجَع في الْمَسجدِ، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أين ابنُ عمِّكِ عليٌّ؟))، قالت: في المسجد، فخرَج إليه صلَّى الله عليه وسلَّم فوجَد رِداءَه قد سقَط عن ظَهْره وخَلَص، أي: وصَل التُّرابُ إلى ظهرِه، فجَعَل صلَّى الله عليه وسلَّم يَمسَحُ الترابَ عن ظَهرِه فيَقولُ له: ((اجلِسْ يا أبا تُرابٍ))، مرَّتين.

وفي الحديث: فَضِيلَةُ عَليٍّ رَضِي الله عنه، وعلوُّ مَنْزِلَته عِنْد النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه مشَى إليه ودخَلَ المسجدَ ومسَحَ التُّرابَ عن ظَهرِه واسترضاه تلطُّفًا به؛ لأنَّه كان وقَع بينَ عليٍّ وفاطمةَ شيءٌ – انتهى

ليس هناك في شرحهم أي أثر لما أمر سلطان آل مروان لسهل بن سعد الساعدي، بأن يشتم عليّ وان أبى فليقل: "لعن اللهُ أبا التُّرابِ"؟!

 

الغريب والعجيب ان أغلب المسلمين العرب يصدقون كل ما ينشر على مواقع السلفية الوهابية؟! صحيح أنها مواقعهم كثيرة وهي الأغلبية على شبكة الانترنت، ولكن هذا لا يمنع من التثبت فيما ينشرون بمقارنته بما في كتب العلماء المسلمين الأحرار من سلطة ونفوذ شيوخ السلفية الوهابية وملكوهم الأشرار، فتكرار الكذب لا يجعله حقيقة الا في المجتمعات الجاهلة والمتخلفة ثقافيا.

Partager cet article
Repost0
16 mars 2016 3 16 /03 /mars /2016 20:08

في مساء الجمعة 11/03/2016، وفي برنامج "نظرة"، على قناة "صدى البلد" الفضائية، كان ضيف الحلقة وزير العدل المصري أحمد الزند (1)، وفي سياق الحديث عن الصحافيين الذي تَعدّوا على حرمة بيت وعائلة الوزير، قال ضيف البرنامج أنه لن يسامحهم وأضاف بانفعال: "إذا لم يكن هؤلاء قد خلق السجن من أجلهم، أمال السجون اتعملت عشان مين؟".

فسأله مقدم البرنامج حمدي رزق: “تسجن صحفيين؟

فأجاب الوزير: “إن شاء الله يكون النبي عليه الصلاة والسلام.. أستغفر الله العظيم يا رب، المخطئ أيا كانت صفته، ما هو القضاة بيتحبسوا، أنا لا أدخل هذه المنطقة وأقول سجن صحافي أو سجن مدرس، أنا أقول سجن متهم ...”.

جواب الوزير كان في سياق الحديث عن الصحافيين، فقال انه لن يتنازل عن محاكمتهم ولن يسامحهم أبدا، فاستعمل جملة شرطية ليؤكِّد عن استحالة التحقق، فقال "إن شاء الله يكون النبي عليه الصلاة والسلام ..."، أي يعني حتى ولو كان المتهم نبي فهو لن يتنازل عن محاكمته، وهذا التعبير يستعمل لتأكيد عن استحالة الفعل لاستحالة الشرط. وهو تعبير شائع في اللغة العربية، وأحسن مثال على هذا، قول الرسول، عليه الصلاة والسلام:

"والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه"

فهذه جملة شرطية تفيد استحالة ترك الدعوة لاستحالة تحقيق الشرط (والله لو وضعوا الشمس ...)، فكفار قريش لا يستطيعون تحقيق الشرط (وضع الشمس في اليد اليمنى ولا القمر في اليد يسرى)، كذلك يستحيل أن يترك الرسول دعوته للإسلام. فهذا هو المعنى الصحيح للجملة وليس معناها أن الرسول يريد من كفار قريش أن يضعوا الشمس في اليد اليمنى وأن يضعوا القمر في يده يسرى ...

كذاك قوله، عليه الصلاة والسلام: وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا.

فهذه أيضا جملة شرطية تفيد استحالة قطع يد فاطمة، عليها السلام، لاستحالة تحقيق الشرط (السرقة)، وكيف يمكن أن تسرق فاطمة وهي من أهل البيت الذي أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؟، فهذا محال، كذاك يستحيل قطع يدها. فهذا هو الفهم القويم لقول رسول الله، ولا يعني بأي حال، أن الرسول يريد أن يقطع يد قرة عينيه فاطمة.

كذلك في جواب الوزير، فهي جملة شرطية تفيد استحالة المسامحة، لاستحالة تحقيق الشرط (النبي يكون المتهم)، فيستحيل أن يكون نبي متهم بخطأ، لأنه معصوم، كذلك يستحيل مسامحة المتهمين في الاعتداء على حرمة عائلة الوزير.

كل من يشاهد البرنامج كاملا، وليس مقطع مركب، يفهم من جواب الوزير، أنه لن يتنازل عن محاكمة المتهمين مهما كانت صفتهم، ولا يفهم، بأي حال، أن الوزير يريد محاكمة النبي أو أن جوابه فيه إهانة أو الإساءة أو الاستهزاء من النبي الكريم، وأحسن دليل هو تعاليق الذين شاهدوا الحلقة كاملة على المباشر على قناة "صدى البلد" أو على قناة يوتيوب لنفس القناة، فكل تعقيباتهم لا تذكر الإساءة أو الإهانة المزعومة للنبي (1).  

بعد هذا التوضيح، يبقى لغز هذا السؤال المُحيّر (2): كيف حصل أنّ أغلب رواد المواقع الاجتماعية فهموا من جواب الوزير المصري أنه يسيء للنبي، وأنه يتطاول على النبي ويريد محاكمته وسجنه؟

للجواب عن هذا السؤال، رجعت الى أشهر المواقع الاتصال الاجتماعي، فقمت بتتبع الأحداث من يوم الجمعة 11/03/2016 الى يوم الإثنين 14/03/2016، وفيما يلي مختصر نتيجة البحث:

  • بدأت الحملة على موقع يوتيوب في مساء يوم الجمعة، أي 11/03/2016. نُشرت عدة فيديوهات تحتوي مقطع صغير لا يفوت بعض الدقاق، بنسبة لطول الحلقة الكاملة (أكثر من 3 ساعات). كل هذا الفيديوهات اختارت المقطع الذي فيه جواب الوزير الذي فيه ذكر النبي، عليه الصلاة والسلام، دون عرض السياق الكامل لموضوع الحوار.
  • جميع هذا الفيديوهات تحمل عناوين ملفقة، كاذبة، تحتوي على مقتطف من هذه الكلمات: "الزند، تطاول، سب، سجن، إساءة، النبي، الرسول، ..."
  • أغلب حسابات أصحاب هذا الفيديوهات في بداية الحملة، هم من أتباع أو أنصار الإخوان، فشعاراتهم وصورهم ومحتوى ما ينشرون، يكشف، بدون شك، عن انتمائهم للإخوان.
  • بلغت الحملة ضد وزير العدل المصري أوجها حين بلغت دول الخليج، فانفجرت على موقع تويتر والفاسبوك في منتصف نهار يوم السبت، ومنها انتشرت في كل العالم العربي، فانظم اليها كل المراهقين وشباب العالم العربي الإسلامي الذين لهم عاطفة دينية مرهفة.
  • يوم الأحد 13/03/2016، قررت السلطات المصرية إعفاء وزير العدل المستشار أحمد الزند من منصبه كوزير للعدل، على خلفية هذه الحملة الممنهجة أو لاستغلالها (3).
  • يوم الاثنين 14/03/2016، طالبت المملكة السعودية السلطات المصرية بتسليم المستشار احمد الزند لتطبيق عليه حد القتل (4).

الحملة الإعلامية ضد المستشار لا تستحق كل هذه الاثارة بهذا الشكل، وانتشارها في العالم، وخاصة في دول الخليج، هو دليل أنها حملة مقصودة وممنهجة من طرف ميليشيات الإخوان الالكترونية في المهجر، لتصفية حساباتهم مع عدوهم اللّدود أحمد الزند (5)، وبالفعل نجحوا في استفزاز العاطفة الدينية عند عامة المسلمين، فندفع المراهقين والمتعاطفين على مواقع الاتصال الاجتماعي يسبون ويلعنون وزير العدل، ويطالبون بإقالته ومحاكمته، بل حتى بقتله.

 

الاستنتاج

المؤسف والمحزن من نجاح هذه الحملة هو أن دلت على شيء فإنها تدل على أنّ:

1-  شعوب العالم العربي عامة، والشعب المصري خاصة، لم يبلغوا سن الرشد والتعقل والحكمة. فيكفي بعض المراهقين والمتطرفين أن يتعاونوا فيما بينهم لتوجيه الرأي العام في كل الأمة العربية الإسلامية، فيقودنهم حيث ارادوا مثل أي قطيع.

2- نذالة عصابة الاخوان ليس له مثيل، وأنهم بالفعل أبطال في استغلال الدين لأغراضهم السياسية.

4- المفكرين والحكماء من الامة العربية الإسلامية عزلوا الاعلام ونصرة الحق، فتركوا المساحة للسفهاء والجهلاء، يصولون ويجولون كما أرادوا.

 

الدافع لكتابة هذه المقالة

هو من باب: "كونوا قوامين بالقسط شهداء لله".

يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (سورة المائدة 8)

القيام لله بالحق بتعظيم أمر الله تعالى والشهادة بالقسط هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وقوله تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) أي لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا، وأن تجوروا عليهم وتجاوزوا الحد فيهم، بل اعدلوا فيهم وإن أساءوا إليكم، فهذا خطاب عام، ومعناه: أمر الله تعالى جميع الخلق بأن لا يعاملوا أحدا إلا على سبيل العدل والإنصاف، وترك الميل والظلم والاعتساف.

في هذه الآية تنبيه عظيم على وجوب العدل مع الكفار الذين هم أعداء الله تعالى، فما الظن بوجوبه مع المؤمنين الذين هم أولياؤه وأحباؤه؟

 

الهوامش

1- نظرة - مع حمدي رزق والمستشار أحمد الزند وزير العدل (حلقة كاملة) 11/3/2016

2- لم أفهم الحملة ضد الوزير المصري في بدايتها، فاستمعت للبرنامج، فزاد عجبي من الحملة، وصراحة تساءلت هل عم الجهل باللغة العربي في المجتمع المصري الى درجة أنهم لا يفهمون الكلام على حقيقته؟ 

3- مصر.. مجلس الوزراء يعفي وزير العدل أحمد الزند من منصبه

4- دعوى جنائية وترقب وصول في السعودية ضد "الزند"

5 - لماذا يكره الإخوان أسد القضاة «الزند»؟

 

Partager cet article
Repost0
29 janvier 2016 5 29 /01 /janvier /2016 12:25

نافورة عين الفوارة

تعتبر نافورة عين الفوارة أحد أهم المعالم التاريخية لمدينة سطيف في شرق الجزائر، تم بناء النافورة في عهد الاستعمار الفرنسي سنة 1899 م، في قلب المدينة القديمة وسط ثلاثة معالم دينية، المسجد العتيق، المعبد اليهودي، والكنيسة، وذلك وسط ساحة يطلق عليها حاليا اسم : الاستقلال

تمثل هذه نافورة نحت فني ضخم، قام بإنشائه النحات الفرنسي : "فرانسيس دو سانت فيدال"1
النحت يمثل امرأة عارية تطفو على صخرة عالية طولها مترين، يتدفق من أقطابها الأربعة، 
ماء بارد في الصيف، ودافئ في الشتاء

 

نافورة عين الفوارة

 

تاريخ انشاء تمثال نافورة عين الفوارة
كانت بداية مشروع إعادة بناء نافورة عين الفوارة، خلال دورة المجلس البلدي في 4 يونيو 1894، في هذا الاجتماع، حذّر مستشار البلدية أنّ البناء القديم فوق عين الفوارة، في وسط مدينة سطيف، مهدد بالسقوط، و اقترح على المجلس تخصيص ميزانية لإعادة بناء نافورة عين الفوارة2

 

نافورة عين الفوارة قبل سنة 1898 م

 

وافق رئيس البلدية "شارل ألبار أوبري"3  وأغلبية أعضاء المجلس على مشروع اصلاح مبنى عين الفوارة، ولكن أجل التنفيذ في انتظار جمع ميزانية إضافية تسمح لهم بهدم وإعادة البناء بالكامل2

 

الدكتور شارل ألبار أوبري - 1853 - 1939 م
 

وبعد سنتين، وخلال زيارة قام بها رئيس البلدية "أوبري" إلى باريس في صيف 1896، قابل مدير مدرسة الفنون الجميلة و طلب منه هل بإمكانه التبرع بتمثال لتزيين نافورة عين الفوارة. في يوم الغد مباشرتا، قدم له النحات الفرنسي فرانسيس دو سانت فيدال، الذي اشتهر بنحت النافورة الضخمة التي تمثل الأجزاء الخمسة من العالم، والتي نصبت تحت برج إيفل لمعرض باريس العالمي سنة 1889 4

 

النافورة التي شارك بها النحات فرانسيس دو سانت فيدال في المعرض العالمي في باريس سنة 1889 م

 

بعد بضعة أيام من عودة أوبري إلى مدينته سطيف، تلقى رسالة من النحات فرانسيس دو سانت فيدال تحمل ثلاثة صور لمشروع التمثال. عرض رئيس البلدية هذه الاقتراحات على بعض سكان سطيف من أهل الاختصاص بالفن، فكان اجماعهم على اختيار المشروع رقم 2 4

انتهى النحات من صنع التمثال في النصف الأول من سنة 1898، و استغل فرصة معرض باريس العالمي في نفس العام، فعرض فيه التمثال قبل أن يبعثه إلى مدينة سطيف4
انتهت أعمال بناء قاعدة نافورة عين الفوارة وتنصيب تمثال فرانسيس دو سانت فيدال في وسط مدينة سطيف سنة 1899 5.

 

محاولات المتطرفين لتهديم  وتشويه التمثال
تعرض تمثال نافورة عين الفوارة لعدة محاولات تهديم و تخريب، بحجة أنه صنم يعبد من دون الله 
تعالى، أو بحجة أن التمثال يمثل امرأة عارية لا يجوز النظر إليها

 ففي يوم 22 أفريل 1997، وفي الساعة الثانية و 55 دقيقة صباحا، وقع تفجير التمثال بقنبلة و الناس نيام. اصطدم سكان مدينة سطيف بهذا العمل الإرهابي الذي استهدف أشهر معلم تاريخي لمدينتهم، لهذا قاموا بترميمه في أقلّ من 24 ساعةً، وأعيد التمثال إلى مكانه يوم 24 أفريل 1997 6 

 

آثار العملية الإرهابية التي استهدفت تمثال نافورة عين الفوارة يوم 22 أفريل 1997 م

 

وفي يوم 31 مارس 2006، قام شاب معتوه تحت تأثير المخدرات، عمره 26 سنة، بتخريب وجه التمثال بمطرقة، فشوّه خدها الأيسر وأنفها وفمها6

 

آثار العملية الإرهابية التي استهدفت تمثال نافورة عين الفوارة يوم 31 مارس 2006 م

 

الحملات الدعوية ضد تمثال عين الفوارة

الأعمال التخريبية و التدمرية التي استهدفت تمثال عين الفوارة هي نتيجة الحملات الدعائية من بعض شيوخ المتطرفين، تلقت آذان المعتوهين فطبقوا فتواهم
و إلى يومنا هذا، لم تكف هذه الحملات الدعوية، ومازال من يخرج بين الحين والآخر بدعوة ضد هذا التمثال

 

- فهذا امام جامع أبي ذر الغفاري بالخروب، بولاية قسنطينة، وفي درس يوم الجمعة 31 أوت 2015، يحرم  شرب ماء عين الفوارة بسطيف، لأنه يتطلب انحناء الشارب بما يشبه السجود، وهذا حسب رأيه، هو السجود لغير الله، ولهذا حرّم شرب ماء عين الفوارة7 
 

- وهذا شيخ آخر اسمه الشيخ شمس الدين الجزائري، يطالب المسؤولين بسطيف بأكساء التمثال العاري ويقول : " فرنسا تركت لنا تمثال امرأة عارية، من واجب المسؤولين تغطيتها وإلباسها جبة "8 
 

وهذا زعيم السلفية الوهابية في الجزائر، الشيخ عبد الفتاح حمداش زيراوي، يطالب الحكومة بإزالة تمثال عين الفوارة بمدينة سطيف، بدعوى أنه شرك وأوثان من صنع الاستعمار الفرنسي9 
 

 وهذا أشهر و أكبر موقع سعودي، يشرف عليه شيوخ السلفية الوهابية، اسمه "ملتقى أهل الحديث"، يتحدى باستفزاز كل سكان مدينة سطيف في مقال بعنوان : "ألا يستحي أهل مدينة سطيف من هذا الشرك الاكبريحرضون فيه، من قلب المملكة السعودية، كل سكان سطيف، بمحاربة و تهديم تمثال نافورة عين الفوارة، مدعين بأن هذا التمثال و صنم و شرك بالله!؟ 

 

صورة من صفحة الموقع السعودي الذي يحرض على الخراب و الدمار

 

المصادر
 

ا - 1 - "فرانسيس دو سانت فيدال" (1840-1900)نحات فرنسي، شارك بأعماله الفنية في المعرض  العالمي باريس سنة 1889 – انظر صفحة : "فرانسيس دو سانت فيدال" على الموسوعة الحرة

ا - 2 - انظر للمقتطف، بالفرنسية، من تقرير دورة المجلس البلدي يوم 4 يونيو 1894 - ملاحظة عدد : 1، في صفحة "نافورة عين الفوارة" بالفرنسية، على الموسوعة الحرة

 ا - 3 - "شارل ألبار أوبري" (1853 - 1939)، طبيب فرنسي استوطن مدينة سطيف، واشتغل فيها  كطبيب عام، و طبيب العيون، وجراح، ثم عين رئيسا لبلدية سطيف في سنة 1892، وبقى في منصبه حتى سنة 1929، توفي في الجزائر في مدينة "سانت أوجان" سابقا، حاليا "بولوغين"، يوم 27 فيفري 1939 - انظر صفحة "شارل ألبار أوبري" في قاموس البرلمانيين الفرنسين 

(Dictionnaire des Parlementaires français - Jean Jolly - AUBRY Charles)

ا - 4 - انظر للمقتطف، بالفرنسية، من مذكرات الدكتور شارل ألبار أوبري - ملاحظة عدد : 2، في صفحة "نافورة عين الفوارة" بالفرنسية، على الموسوعة الحرة
ا - 5 -  انظر صفحة "نافورة عين الفوارة" بالفرنسية، على الموسوعة الحرة
ا - 6 - مقال "شوهت عين الفوارة"،  بالفرنسية :  جريدة الوطن عدد 4680 - بتاريخ 8 أفريل 2006 

ا - 7 - إمام يُحرّم شرب ماء عين الفوارة بسطيف؟  - موقع بوابة الشروق - بتاريخ 2015/09/01
ا - 8 - فتوى على موقع يوتيوب بعنوان : الشيخ شمس الدين الجزائري يتحدث عن التمثال العاري لعين الفوارة
ا - 9 - مقال : "سلفيون يطالبون بتهديم عين الفوارة بسطيف"، بتاريخ 1 أكتوبر 2015 - بالفرنسية

(Des salafistes réclament la démolition d Aïn Fouara de Sétif - La Nouvelle République N° 5358 - P :2)

Partager cet article
Repost0
12 août 2015 3 12 /08 /août /2015 17:55

عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله؛ كأنها موعظة مودع، فأوصِنا، قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».

ورد هذا الحديث في كل من صحيح الترمذي، وأبي داود، وابن ماجة، ومسند أحمد، ومستدرك الحاكم. وهو من أخبار الآحاد، إذ أن العرباض بن سارية هو الصحابي الوحيد الذي روى هذا الحديث عن النبي، عليه الصلاة والسلام، و للحديث ألفاظ عدة، وفي بعضها ما ليس في الأخرى من الزيادات مثل :

  • ... وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلال.
  • ... وإياكم ومحدثات الأمور وكل محدثة ضلالة.
  • ... أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة؛ وإن عبداً حبشياً ...

 

علل الأسانيد

روى هذا الحديث الصحابي الجليل العرباض بن سارية، وقد وصلنا من طرق ثمانية، كلها جميعاً عن العرباض و لم يسلم منها واحد:

1- طريق عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وقد رواه عنه أربعة، لا يسلم منها إلا طريق خالد بن معدان، عن عبد الرحمن، إلا أن عبد الرحمن بن عمرو نفسه مجهول.

2- طريق حجر بن حجر، ففيه جهالة حجر وتفرد بروايته الوليد بن مسلم، وهو مدلس تدليس التسوية.

3- طريق يحيى بن أبي المطاع، وهي منقطعة لا تثبت عن العرباض.

4- طريق مهاصر بن حبيب، ففيه ضعف مهاصر، وهو إلى الجهالة أقرب. وقد تفرد بحديثه إسماعيل بن عياش، وله مناكير وأخطاء.

5- وأما طريق خالد بن معدان عن عبد الله بن أبي بلال، فيه جهالة عبد الله، وقد جاءت من طريقين فيهما مدلسان كثيرا التدليس، وقد رواياه بالعنعنة، كما إنها مخالفة لما عرف من اشتهار الحديث عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن السلمي.

6- وأما طريق عم خالد فمجهول، وتفرد بها محمد بن إبراهيم بن الحارث عن خالد بن معدان، وقد قال أحمد في محمد بن إبراهيم: يروي مناكير أ.هـ. وهذا من تفرداته، وخالف ما عرف واشتهر من رواية خالد بن معدان عن عبد الرحمن السلمي.

7- طريق جبير بن نفير، فيه مجاهيل.

8- طريق معبد بن عبد الله، مجهول، ولم يصح الطريق إليه.

 

علل المتن

1 - علة التفرد بهذا السياق والمخالفة لما اشتهر من مضامين خطبه (صلى الله عليه وسلم) عند وفاته.

نقلت لنا عدد من مصادر الحديث ما عرف من خطبه صلى الله عليه وسلم بين يدي وفاته مما ودع به أصحابه والناس، وليس في واحد منها سياق يشبه هذا السياق ولا يقاربه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد ذكرت رواية العرباض الأمر باتباع السنة وسنة الخلفاء الراشدين، بينما كل خطبه، صلى الله عليه وسلم، تؤكد على اتباع الكتاب مثل ما أخرجه مسلم عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: «وإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة»، أو كما أخرج البخاري عن ابن مسعود موقوفاً: « إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشرُّ الأمور محدثاتها، وإن ما توعدون لآت، وما أنتم بمعجزين» ...

فكيف يخطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة جليلة بليغة ويعظ عظة تذرف لها العيون أمام جمع من الصحابة، وحري بها أن تنقل وأن يهتم بها؛ لما أنها وصية مودع، ولكونها بليغة عظيمة؛ ثم لا تعرف إلا من طريق صحابي واحد، ثم لا تثبت عنه من طريق صحيح أو حسن لذاته؟

 

2 - قوله: " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة ..."

ووجه الاعتراض: لماذا لم يقيد السمع والطاعة بالمعروف، وفيما لا معصية فيه، إذ إطلاق الكلام ربما يستغله بعض الولاة الظلمة أو الفسقة في حمل الناس على ما يريدون، خاصة وأن هذا الحديث قد اشتهر تداوله في العهد الأموي، فقد يظن أنه سيق لأجل تأييدهم في بعض ما أخذ عليهم.

 

3- قوله: " ... وإن تأمر عليكم عبد "

كيف يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالطاعة لعبد، ومعلوم أن العبد تبع لسيده؟ وأن من شرط الإمارة أن يكون حراً ؟

ثم لماذا يضرب المثل بعبد؟ أليس في هذا إشارة لمعنى فيه تمييز وطبقية، ونحن نعلم أن رسول الله أبعد ما يكون عن هذه المعاني.

 

4 - قوله: " ... فعليكم بسنتي ... "

ووجه الإشكال، انه لم يوص بإتباع الكتاب، وهو الأصل، وهو ما جرى عليه صلى الله عليه وسلم في كل وصاياه التي صحت عنه قبيل وفاته، وقد سبق ذكر بعض هذه الوصايا، وأهمها وأصحها قوله: صلى الله عليه وسلم: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم: كتاب الله، وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون».

معلوم بداهة أن رسول الله إنما هو مبلغ عن ربه، مبين لكتابه فالأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم واتباع سنته أمر ضمني باتباع الكتاب، بل من باب أولى.

كما قال تعالى : من يطع الرسول فقد أطاع الله - النساء 80.

وقال: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني ... آل عمران 31.

وغيرها من الآيات المؤكدة لتلازم طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا وجه لهذا الاعتراض؛ في إطار هذا الفهم. الاعتراض هو في فهم " ... فعليكم بسنتي ... " بانها تعني أن السنة هي الأصل، والقرآن تبع، بدعوى: أن السنة قاضية على الكتاب، وأن القرآن أحوج إلى السنة.

 

5 - قوله: " وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ... (تمسكوا بها)، وعضوا عليها بالنواجذ"

والإشكال هنا من وجوه:

1- من هم الخلفاء الراشدون المهديون حتى نتبع سنتهم؟ ومن الذي يحددهم؟

2- أليس إضافة الخلفاء الراشدين إلى التشريع السماوي أمر مخالف لأصول الشريعة؟

3- هل ثمة نقص في سنة وهدي رسول الله، حتى نحتاج أن نتبع سنة من بعده؟

4- وهل هناك مصدر للتشريع ملزم ومعصوم سوى الكتاب و السنة المتواترة؟

5- وإذا كان الخلفاء الراشدون إنما يطبقون هدي رسول الله فما الداعي للنص على اتباع سنتهم؟

6- ثم أليس قد اجتهد الخلفاء الراشدون الأربعة_ إن اعتبرنا أن الحديث يقصدهم _في أمور واختلفوا فيها فيما بينهم: فهذا علي رضي الله عنه عرض عليه يوم البيعة أن يبايع على سنة الخليفتين، فرد قائلاً: «أبايع على سنة الله ورسوله» - وقد تعددت اجتهادات هؤلاء الخلفاء الراشدون وتباينت في قضايا كثيرة، ولم يلزم أحد أحداً.

ثم إن الأمة متفقة على عدم عصمة أحد غير الأنبياء، وأنه يجوز الخطأ عليهم، فكيف نؤمر باتباعهم، إلى جانب اتباع المعصوم صلى الله عليه وسلم.

ثم إن مما هو معلوم بداهة أن عثمان و علي، رضي الله عنهما، هما من الخلفاء الراشدين، وقد خرج عليهما وعصاهما جمع من الصحابة، فهل يجوز أن نقول في هؤلاء إنهم مبتدعون و ضالون؟

 

الخلاصة

كل هذه العلل في الأسانيد والمتن يشم منها رائحة الوضع، فيستحيل أن يكون رسول الله، عليه الصلاة و السلام، قد قال هذ الحديث، والأرجح هو انه حديث وضعه أحد المنافقين ونسب روايته الى الصحابي العرباض بن سارية بعد وفاته، فاستغله محدثين البلاط الأموي لكسب شرعية السمع والطاعة في عصرهم.

 

المرجع :

دراسة نقدية في حديث العرباض بن سارية « وعظنا رسول الله ... » - د. محمد سعيد حوى و د. عبد عيد الرعود - جامعة مؤتة / كلية الشريعة، قسم أصول الدين.

 

 

Partager cet article
Repost0
24 juillet 2015 5 24 /07 /juillet /2015 16:36
كيف نتعامل مع مريض الزهايمر أو الزَّيمِرْ

 

بعض المعلومات عن داء الزَّيمِرْ

·        الزَّيمِرْ داء يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتفكير والتعلم، وقد يتطور ليحدث تغييرات في سلوك المريض مثل تقلب المزاج، انعدام الثقة بالأخرين، العناد المتزايد، الانطواء الاجتماعي، الاكتئاب، الخوف، العدوانية ...، فيصبح المصاب أكثر عصبية أو قد يصاب بالهلوسة أو بحالات من حالات الجنون المؤقت.

 

·        يبدأ الزَّيمِرْ بإصابة المريض بفقدان غامض للذاكرة، ويتطور سريعا فيفقد المصابون القدرة على التعرف على الأماكن، أو من يحبونهم، ولا يستطيعون القيام بالأنشطة اليومية ولا الاهتمام والعناية بأنفسهم.

 

·        لا يعرف بعد سبب المرض ولا يوجد حتى الآن علاج لهذا المرض، إلا أن الأبحاث في هذا المجال تتقدم من عام لآخر. أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة أن العناية بالمريض والوقوف بجانبه يؤدي إلى أفضل النتائج مع الأدوية المتاحة.

 

·        على نطاق عالمي وحسب منظمة الصحة العالمية، بلغ عدد الذين يعانون من مرض الزَّيمِرْ نحو 35 مليون شخص في سنة 2012. ومن المتوقّع أن يرتفع هذا العدد بنسبة الضعف بحلول سنة 2030، أي نحو 65 مليون شخص و 115 مليون شخص عام 2050.

 

بعض الإرشادات التي يجب مراعاتها دائما عند التعامل مع المريض:

-       يجب ان يعرف كل فرد من افرد عائلة المريض معنى كلمة الزَّيمِرْ وانه سوف يتقدم كل سنة وان المريض قد يفقد قواه العقلية بتدريج مثل الذاكرة والحكم على الأشياء وأحيانا الكلام والاضطراب، كما يجب تنبيههم أن الحالة النفسية للمريض تتغير بما فيها من الاكتئاب أو هيجان في بعض الأحيان.

 

-       يجب على كل فرد من أفراد العائلة ان يتقبل هذا الابتلاء ويعلم ان هذا المرض يتطور من سنة لأخرى بحيث لا يوجد هناك تذمر مع مرور الأيام، بل يجب أن ينظر اليه نظرة إيجابية وأن يحتسب الأجر من الله في رعاية هذا المريض والصبر على ما أصابه.

 

-       لا ينصح بتبديل أو تغير المحيط السكني والعائلي المعتاد للمصاب بالزَّيمِرْ لأن المكان الذي كان يسكن فيه والأشخاص الذين كانوا يعيشون معه قبل مرضه لهم ارتباط وأثر كبيران على شعور المريض بالاطمئنان والأمن والراحة. تبديل المحيط السكني والعائلي للمريض، يفقده علامته المعتادة، ويجعله يعيش في حالة دائمة في الخوف والقلل والتوتر.

 

-       يجب أن تتفهم عائلة المريض بالزَّيمِرْ أن رعاية المريض وخاصة في المراحل المتقدمة عندما يصبح هناك إعاقات بدنية وعقلية وتغيرات في شخصيته هي من الأمور الشاقة والمتعبة على أي شخص حتى لو كان بصحة جيدة، لهذا يجب على كل فرد من أفراد العائلة أن يهتم بالمريض ولا تترك الوظيفة لشخص واحد، الأفضل هو شخصين او ثلاثة يتداولون فيما بينهم رعاية المريض.

 

-       يجب على كل من يخاطب المريض أن يتكلم بهدوء وبصوت واضح، وأن يستخدم كلمات بسيطة وجمل قصيرة.

 

-       ينصح أن يكون للمريض عادات يومية مستمرة تبدأ من الصباح وتنتهي في المساء ولا تتفاوت من يوم ليوم، فهذا مما يساعد في تهدئة المريض. الأفضل ان يكون هناك جدول يومي للمريض منتظم، وجود هذا الجدول اليومي يساعد افراد العائلة في ترتيب وتنظيم رعائية المريض بينهم.

 

-       الفراغ يؤثر على نفسية المريض، فمن الأفضل أن يعطيه شيء يشغل وقته، حتى لو كان ليس له أي فائدة، فهذا سوف يساعد في رفع معنوياته وتحسين نفسيته لدرجة كبيرة.

 

-       يفضل بان يزار المريض ويقابل أولاده والأصدقاء المقربين ولكن لا ينصح بكثرة زيارة الأشخاص الذين لا يعرفهم جيدا ولا تربطه به معلاقة قوية. كما يشجع زيارة الأطفال الصغار للمصاب بالزَّيمِرْ لأنه يحب رؤية الأطفال ويمازحهم، ولكن يجب تنبيه الأطفال على عدم الضحك من تصرفاته وتنبيههم بحالة المريض.

 

-       عندما يأتي شخص لزيارة المريض، يفضل أن تساعده بتقديم الزائر، مثل هذا ابن فلان جاء ليسلم عليك أو هذا جارنا فلان جاء ليسلم عليك.

 

-       يفضل أن تكون الزيارات من قبل الأقارب قصيرة حتى لا يتعب المريض ذهنيا.

 

-       عندما يكون هناك موعد للطبيب أو موعد لحضور ضيوف، من المفضل عدم إخبار المريض الزَّيمِرْ به، لأن هذا يقلق المريض ويجعله يفكر في الموضوع كثيرا، لذلك من الأفضل عدم أخباره حتى يحين الموعد.

 

-       لا تتكلم عن المريض مع الآخرين بحضرته معتقد أنه لا يفهم، فقد يحس المريض ببعض الكلمات ويفهمها.

 

-       يجب عدم مصارحة المريض بمرضه والتصرف معه على أنها حالة استثنائية. فالأفضل دائما عدم مواجهة المريض بتشخيص مرضه، مثل القول له: لديك خرف أو مرض الزَّيمِرْ ... بل يجب دائما تبسيط الأمر بمعلومات بسيطة مثل قول لديك مشكلة بسيطة في الذاكرة وإن الطبيب قال لديك ضعف بالذاكرة دون مواجهته بحقيقة التشخيص لان هذا لا يغير من مجرى الأمور بل قد يزيد الأزمة النفسية للمريض.

 

-       يجد المريض صعوبات في إكمال الجملة، او العثور على الكلمة المناسبة، وأحيانا صعوبة في فهم الكلمات التي تلقى عليه كما أنه قد يعيد السؤال عدة مرات أو يغلط في استخدام بعض الكلمات. سوف تلاحظ أن طلاقة المريض وقدرته على التخاطب تتغير من فترة لأخرى، ففي بعض الأيام تكون جيدة وفي بعض الأيام متردية، هذا كثير ما يحدث في السنوات الأولى من مرض الزَّيمِرْ، لهذا يفضل استخدام لغة الإشارة البسيطة مثل الابتسامة وهزة الرأس والتخاطب بالعين فهذا يسهل على المريض فهم المراد.

 

-        عندما يتكلم المريض أو يحكي حكاية حتى لو كانت مكررة عشرات المرات يفضل الاستماع له والإنصات والابتساملة، فهذا يساعد على تحسن نفسيته.

 

-       عندما يحاول المريض أن يجد الكلمة المناسبة و لايستطيع و يتردد بالكلام، حاول أن تساعده بأن تقترح عليه كلمة معينة أو أعطيه خيارات يختار منها أو أعطيه قلم لكي يكتبها.

 

-       عندما يعيد المريض السؤال مرات كثيرة، حتى ولو تم الإجابة على سؤاله، يفضل أن تجيبه مرة أو مرتين ثم تحاول أن تغير الموضوع بحيث لايتعب المريض من تكرار السؤال.

 

-       استخدم الكلمات اللطيفة مع المصاب مثل (تفضل،وطال عمرك، وغيرها ...) والابتعاد عن الكلمات الجافة التي تجرح مشاعره، فإن جرح مشاعره قد يصيبه بالاكتئاب الداخلي.

 

-       حاول أن تبعد المزعجات والضجيج عن غرفة المريض وخاصة الهواتف الجوالة، الراديو والتلفزيون.

 

-       لا تقول أبدا لمريض الزَّيمِرْ أنه مخطئ أو أنه متناقض. فلا تحاول تصحيح خطئه او نقض أقواله، فعندما يقول المريض كلاما أو يقول قصة غير حقيقية يختلقها هو، أو معلومة غير صحيحة، لا تحاول أن تصحح له وتجادله في صحة الموضوع، يكفي ابتسامة ثم غير الموضوع لإنهاء الموضع.

 

-       لا تسأل مريض الزَّيمِرْ هل يتذكر هذا أو ذاك، فلاتقل له مثلا: "هل تتذكر فلان؟" أو "هل تتذكر ما هو فطورك هذاالصباح؟" أو "هل تتذكر ما حدث لفلان؟". هذه الأسئلة لا فائدة منها ودائما تسبب للمريض الاحراج او الإحباط. فتذكر قبل ان تسأل المريض، أن الزَّيمِرْ هو مرض فقدان الذاكرة وأن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

-       لا تُذكَّر لمريض الزَّيمِرْ وفات شخص قريب له. في أكثر الحالات يعتقد مريض الزَّيمِرْ أن الأشخاص المقربون له أحياء رغم وفاة بعضهم، وتذكيره بوفاة أحدهم سوف يغضبه ان لم يصدقك، أو يؤسفه إذا صدقك. فلا فائدة بتذكيره وفاة مقربيه لأنه في كل الأحوال، فهو سينساه ولا يتذكر إلا من يشاهد من الأحياء.

 

-       لا تتحدث في حضور المريض في موضوع تعلم أنه يزعجه أو ينفعل منه، فعرض الموضوع أمامه لا فائدة منه ولا يحقق إلا ازعاجه او غضبه.

 

-       إذا حصل وغضب المريض وقال كلمات سيئة جدا مثل السب والشتم ففي هذه الحالة كل ما يجب عليك فعله هو ألا تأخذ الأمر بمحمل شخصي، بل يجب الابتسام بوجهه والقول له مثلا: " أنا اعلم أنك غاضب، فهدي من روعك " ... أو من هذا القبيل حتى يهدأ المريض، والأحسن هو تغيير الموضوع بان تقترح عليه مثلا القيام بنزهة في الحديقة بحيث ينسى المريض هذه القصة.

 

-       عندما يحصل اضطراب ويتلخبط المريض يجب مسك يده والتربيت على كتفه وإخباره بالوقت واليوم، مثلا انه الان وقت المغرب وانه اليوم الفلاني وهكذا.

 

-       قد يصاب بعض مرضى الزَّيمِرْ بالاكتئاب، فيجب الانتباه لهذا وإخبار الطبيب عنه لان الاكتئاب من الأمور التي يمكن علاجها بالأدوية. علامات الاكتئاب تشمل حب الانعزال ونقص التركيز والإحساس بضيق الصدر وقلة تعابير الوجه وقلة الشهية وقلة النوم بالليل وكثرة النوم بالنهار

 

-       لتقليل احتمالات الاكتئاب، يجب تشجيع المريض على ممارسة أي نوع من الرياضة، وإعطائه فرصه للتحدث والاستماع له حتى ولو كان كلامه مكرر. في بعض الأحيان قد يكون من الأشياء التي تسعد المريض أن يركب بسيارة مع أحد أبنائه أو أحد أقاربه بحيث يأخذه في جولة بالحي أو الأماكن التي يحب زيارتها ثم العودة للمنزل فهذا يعتبر مثل الدواء للمريض.

 

-       من الأشياء الخطيرة التي يجب الانتباه لها أن المريض قد يخرج من بيته بمفرده ثم يضيع ولا يستطيع العودة. إذا كان المريض يكثر من الخروج فيفضل أن يضع اسمه وعنوانه ورقم الهاتف معه في جيبه على شكل بطاقة، كما ينصح بأعلام الجيران والذين في الحي عن حالة المريض حتى يساعده الى إرجاعه للمنزل.

 

بعض الإرشادات للذي يقوم بالعناية الخاصة للمريض

إن رعاية مريض الزَّيمِرْ وخاصة عندما يصبح هناك إعاقات بدنية وعاطفية وتغيرات في شخصيته هي من الأمور الشاقة والمتعبة على أي شخص حتى لو كان بصحة جيدة. فمهما كان الشخص الذي يهتم بالمريض، فبعد مرور الوقت سوف يحس بالإرهاق والتعب والملل وقد يُقصّر في رعايته لهذا المريض، لذلك يجب على من يقوم برعاية المريض ان يحرص على:

 

-       ان يهتم بنفسه، فلا بد له من ينال كفايته من الراحة والنوم، وان يمارس هواياته لكي يقوم برعايته بشكل جيد، لهذا يجب تنظيم الوقت بحيث يكون هناك وقت لراحته ووقت لرعاية المريض

 

-       يجب أن يشارك آخرون في رعاية المريض من أفراد العائلة ومن الأصدقاء ومن الجيران فلا يفرض الوحدة على نفسه بسبب هذا المريض.

 

-       يجب ألا يخجل من طلب المساعدة وألا يتوقع أن يأتي إليه الآخرون ويساعدونه من تلقاء أنفسهم، يجب أن يطلب المساعدة من إخوانه ومن زملائه ومن جرانه إذا تطلب الامر.

 

-       حين يكون مع المريض، يحاول قدر المستطاع، ان يكون هادئا ومتفهما لكي يشعر المريض انه في أمن. على العكس، التوتر والانفعال يولد الارتباك والهياج عند المريض.

 

-       يحاول قدر المستطاع أن يكون مرحا أثناء تعامله مع المريض حتى لو كان فقد كثيرا من قواه العقلية وذاكرته، فقليل من المرح والتنكيت الخفيف قد يفرحه ويفرح المريض في نفس الوقت.

 

-       وأخيرا، يجب أن يتذكر أن الله سبحانه هو مقدر الأقدار وأن الحياة ابتلاء واختبار، وأنه على أجر وثواب كبير من عند الله تعالى في رعاية هذا المريض وتحويل المرض والألم والمعاناة إلى أمل وبهجة.

 

المصادر:

كل هذه المعلومات مقتبسة من عدة مراجع، أهمها:

-       كتاب: التعافي من الألزهايمر. حول أسطورة شبه مرض- فرحات عثمان

-       موقع : France Alzheimer

-       موقع :  Alzheimer Tunisie

-       موقع:  Alzheimer Family Center

Partager cet article
Repost0
8 janvier 2015 4 08 /01 /janvier /2015 11:01
هل يأمر الإسلام بقتل من  استهزأ بالنبي عليه الصلاة و السلام ؟

فى دين الإسلام، لم يأمر الله تعالى بالانتقام له سبحانه و لا لرسوله، عندما يستهزأ بالدين، هذا ما جاء فى كتاب الله تعالى : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا - سورة النساء اية 140

هذا النص القرآني يقرر الموقف المطلوب من المسلمين من أصحاب الفكر المضاد للإسلام و المستهزئين بالرسل و بالقرآن .فهذه الآية لم تقل أوقفوهم عن مهاجمة الإسلام، و لم يقل اقطعوا ألسنتهم أو احبسوهم أو اقتلوهم و لا حتى قال قاطعوهم. بل قال لا تقعدوا معهم في الجلسة التي فيها استهزاء بالدين لأنكم إذا قعدتم في تلك الجلسة أصبحتم مستهزئين بالدين مثلهم، و بالتالي يجوز الجلوس معهم في جلسات أخرى لا يستهزؤون فيها بالدين (حتى يخوضوا في حديث غيره) و بالتالي لا مشكلة قي الإسلام في وجود أراء و أفكار ضد الإسلام، لكنه حرّم على المسلمين مجالسة أصحاب هذا الفكر عندما يستهزأ بدين الله.

 

أما في دين الوهابية فقد جاء فى كتاب نبيهم ابن تيمية : "الصارم المسلول على شاتم الرسول"  : "أن من سبّ النبي من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله".

فهاذ هو دين الوهابية و أتباعهم من قاعدة و داعش و أنصار الشريعة و النصرة ... في كل مواقع الدينية السعودية، مثل "صيد الفوائد" و "إسلام ويب" و "ملتقى أهل الحديث" ...، و مواقع كل شيوخ الوهابية السعودية، هناك اجماع عندهم أن فى دينهم الوهابية، أن من سب النبي يقتل سواء كان مسلما أو كافرا.

 

 أمّا في دين الله تعالى، الإسلام، فإنه برئ من قتل النفس بغير نفس، قال تعالى في كتابه الكريم : ... مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ... - سورة المائدة اية 32

 

صدق الله العظيم و كذب المشركين من وهابية و سلفية و إخوانجية

Partager cet article
Repost0